البلوغ عند الفتيات مرحلة مفصلية
ما أن يبدأ المولود بالحبو في أرجاء البيت واكتشاف بيئته الصغيرة حتى تتهلل أسارير الوالدين ويبدآن في مراقبة تطورات النمو لدى الطفل/ الطفلة.
ثم يخطو الرضيع خطواته الأولى فيبدأ قلب الأبوين في الرقص من شدة الفرح، ويبدآن بدعم الصغير وتشجيعه واحتضانه إذا تعثر و وقع, وبمرور الوقت يبدأ الطفل بالنمو إلى أن تصل الفتاة لسن الحادية عشرة وتبدأ بعض التغيرات تظهر عليها.
هنا تبدأ الأم في القلق وتستدعي ذكريات الخوف والخجل المفرط التي كانت تعاني منها وتجد صعوبة في شرح توضيح سبب تلك التغيرات، من هنا كان لزاماََ على منصة حلا أن تشرح هذه النقطة التي تبدو حرجة لبعض الأمهات وتساعدهن على تقديم المعلومات الآمنة لتلك الطفلة التي أوشكت على دخول مرحلة جديدة في نموها.
وكذا تشجيع الطفلة على الاعتزاز والفخر من كونها أنثى و عدم الشعور بالقلق أو الاضطراب, حتى تمر تلك المرحلة الفاصلة بسهولة و يسر وتترك انطباع إيجابياََ لدى الفتاة, وكيف تتقبل ذاتها, وكذا بعض النصائح التي من شأنها أن تساعد الفتيات في أيام الطمث وما يسبقها من آلام.
في هذا المقال سأحاول أن أقدم تعريفاََ واضحاََ للبلوغ عند الفتيات, و الإجابة على كل الأسئلة المتعلقة بالتغييرات الجسدية والنفسية التي تحدث للفتيات في تلك المرحلة.
البلوغ عند الفتيات كمفهوم
البلوغ هو المرحلة التي يبدأ فيها الجسم في التطور والتغيير، سواء كان هذا التغير من الناحية الجسدية أو النفسية، تمهيداََ لانتقال الفتاة من طور الطفولة إلى مرحلة مبكرة من النضج.
سن البلوغ عند الفتيات
على الأغلب يبدأ البلوغ من عمر 10 _ 14 عام, قد يبدأ البلوغ في بعض المناطق الحارة في وقت أبكر من هذا وكذا لدى الفتيات اللائي يتمتعن بنظام غذائي متوازن, وقد يتأخر البلوغ في بعض المناطق إلى ما بعد 16 وخاصة لدى الفتيات اللائي يعانين من سوء التغذية والنحافة المفرطة.
علامات تدل على بداية البلوغ عند الفتيات
تتمثل مرحلة بداية البلوغ بظهور بعض التغيرات الجسدية والنفسية مثل نمو براعم الثديين وزيادة حجمهما, ونمو الشعر في مناطق معينة لم يكن ينمو بها من قبل وهذه هي الأعراض الأولية.
يعقبها بعد عام أو إثنين حدوث النزف الشهري أو الطمث ويزداد الطول والوزن بصورة ملحوظة, أما من الناحية النفسية فقد تميل بعض الفتيات للعزلة والخجل, وقد تعاني بعضهن من القلق والتوتر وتغير المزاج وبخاصة قبل أو أثناء النزف الشهري (الطمث).
قد يظهر أيضا حب الشباب (Acne ) أو بثور الوجه(Pimples ) عند بعض الفتيات أثناء مرحلة البلوغ, لكنه سرعان ما يزول بالمراجعات الطبية وتجنب القلق والتوتر, قد تحدث أيضا من وقت لآخر بعض الإفرازات البيضاء وهي بسبب التغير الهرموني ولا داعي للقلق منها.
كيف تتم عملية البلوغ عند الفتيات ؟
من المهم والمفيد أن تفهم الفتاة طبيعة تلك التغيرات التي تحدث معها حتى تستطيع أن تتعايش مع التغيرات الجديدة ولا تخجل منها لأنها تحدث مع جميع الفتيات على حد سواء.
بداية فإن الدماغ عند بلوغ سن العاشرة يبدأ في إفراز هرمون يحفز الجسم على الدخول في طور البلوغ وهو المعروف علميا باسم(Gonadotropin releasing hormone)، ويتم اختصاره بـ (GnRH), وعندما يصل هذا الهرمون إلى الغدة النخامية تبدأ الغدة النخامية الموجودة تحت الدماغ بإفراز هرموني البلوغ ملوتن و تحفيز الجريب في مجرى الدم وهما معروفان بالإنجليزية باسم( Luteinizing hormone) و (Follicle stimulating hormone) ويتم اختصارهما بـ LH و FSH.
كيفية عمل هرموني البلوغ ملوتن و تحفيز الجريب عند الفتيات
يستهدف الهرمونان LH و FSH مبايض الفتيات والتي توجد بها البويضات منذ ولادة الطفلة ويقوم كلا الهرمونين بتحفيز المبايض لإنتاج الإستير وجين(Estrogen ) ويتكاتف الجميع في عملية كيمائية متكاملة للعمل على اكتمال أعضاء الفتاة التناسلية و تجهيزها لحدوث النزف الشهري, لاحقاََ بعد اكتمال النمو لحدوث الحمل وانجاب الأطفال.
هل يتم البلوغ بوتيرة واحدة عند جميع الفتيات؟
لابد من أن نعي أن البلوغ مرحلة تختلف من فتاة لأخرى بحسب الوزن و التغذية و طبيعة البيئة وعوامل الوراثة.
لهذا نرى فتاتان في نفس العمر أحدهما يحدث لها النزف الشهري والأخرى مازالت في مرحلة الطفولة, لكن بمرور الوقت تحدث عملية البلوغ للجميع لأنها مرحلة من مراحل تطور الإنسان.
كيف تتغلب الفتاة على الشعور بالحرج من تغير جسدها؟
بداية تقع المسؤولية في هذه المرحلة على الأم، لأن الآباء يشعرون بالحرج من مناقشة الفتاة في أمر خاص كهذا، لذا لابد للأم من أن تحتضن طفلتها وتخبرها بأنها تدخل في طفرة من النمو سيترتب عليها تغيير قياس ملابسها لأنها صارت أكبر قليلا.
ولابد من تقديم المعلومات عن الدورة الشهرية و الإجابة بصدق على أيه سؤال حتى لا تلجأ الفتاة إلى الحصول على المعلومة من جهة أخرى وقد تكون معلومات مغلوطة و بها تهويل أو مضللة.
من المفيد أيضاََ قيام الأم باصطحاب الفتاة لشراء حمالات الصدر اللطيفة بألوان جذابة وكذا شراء الفوط الصحية, وينبغي أن تعلم الأم ابنتها أن زيادة بعض الوزن أمر طبيعي ولا يحتاج لأي حمية غذائية, بل إن زيادة الوزن في بعض المناطق من الجسم جزء لا يتجزأ من عملية البلوغ.
وعلى الأم أن تعطيها ثقة بنفسها وتحببها في النظر إلى شكل جسدها و إلا تضطرب الفتاة بل يجب عليها أن تتعامل ببساطة مع طفرة النمو الجديدة.
وتقلق الفتيات من روائح الجسم أثناء فترة البلوغ
من علامات الدخول في طور البلوغ هو وجود بعض الروائح تحت الإبطين أو مناطق أخرى, ويعود ذلك إلى هرمونات البلوغ التي تؤثر بصورة كيميائية على غدد البشرة فتسبب حدوث بعض الروائح, لكن النظافة المستمرة بالماء والصابون والمداومة على الاستحمام واستخدام العطور في المنزل ومزيلات العرق الطبيعية كالليمون أو غيرها ويستحب الطبيعي بشكل أكبر لمنع حدوث أي مضاعفات, يساعد تماماََ على التغلب على هذه المشكلة.
متى تتحدث الأم مع البنت عن البلوغ؟
بداية ينبغي على الأم أن تكون مستعدة للحديث عن البلوغ مع ابنتها، وخاصة إذا لاحظت الأم العلامات الأولى لنمو الثدي، يمكنها أن تبدأ في الحديث عن نمو الجسم وتنبه الفتاه إلى أن البنات الأكبر سناََ يحدث لديهن نزف (طمث) شهري.
لكن لا ينبغي أن تتحدث في كل الجوانب في حديث شامل بل يكفي تقديم بعض المعلومات من وقت لآخر، فقد لا تبدي الفتاة استعداداََ لمناقشة تلك التغيرات، ومن المهم تقديم المعلومات بوضوح وصدق.
أما إذا وجدت الأم حرجاََ أو صعوبة في شرح طفرة النمو وخافت من عدم توضيح الأمر بالصورة المناسبة البعيدة تماماََ عن التهويل والقلق, فيجب عليها الاستعانة بالمرشدة الصحية في مدرسة الفتاة, إذ أن المرشدات الصحيات ومسؤولات الرعاية يعالجن تلك الأمور بسهولة ويسر ويشرحن بطرق واعية وذكية ويقدمن إرشادات هامة ومفيدة.
البلوغ عند الفتيات و من أين يأتي الطمث؟
كما أسلفنا سابقاََ فإن بعض هرمونات المخ تؤثر في الغدة النخامية و تلك الهرمونات تجعل أحد المبيضين ينتج بويضة كل شهر, وعندما ينتج المبيض البويضة يبدأ الرحم في استقبالها ويبني لها طبقات من الشعيرات الدموية والغدد, ثم تتهاوى تلك البطانة لتتجدد في الشهر التالي ويحدث النزف وهكذا.
أي أن الطمث هو كمية من الدم المهبلي, نتيجة لانفصال الغشاء المخاطي المؤقت المبطن لجدار الرحم، مدة الطمث تتراوح ما بين 3: 5 أيام كل 21: 35 يوم
(المشهور 28 يوم), وتختلف المدة بحسب طبيعة جسد كل فتاة، فبعض الفتيات يعانين من بعض الآلام قبل وأثناء النزف الشهري بدون أي سبب طبي والبعض قد يكون نتيجة لحالة طبية تقتضي الفحص والعلاج مثل بطانة الرحم المهاجرة.
البلوغ عند الفتيات ومتلازمة ما قبل الدورة الشهرية
بعض الفتيات يعانين من بعض الاضطرابات في المزاج وتزداد العصبية لديهن قبل الدورة الشهرية ويعانين من الاكتئاب والصداع وآلام الظهر و الضعف البدني و حدوث تقلصات أسفل الظهر والبطن وقد يمتد الأمر ليشمل كذلك الضعف في التحصيل والرغبة في التغيب عن المدرسة.
وقد تظهر علامات تمرد قوية إن مرت الفتاة في هذه المرحلة بظروف نفسية صعبة ويصعب التعامل معها وهو أمر بديهي.
تلك هي أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية, على الأم أن تناقش تلك المتلازمة مع صغيرتها بخصوصية تامة وأن تجعلها تؤمن أن أيام الطمث أيام عادية لا داعي للقلق أو الخوف منها.
ولتوضح لصغيرتها أنها عملية فسيولوجية مثل هضم الطعام و التنفس وليست مرضاََ, وتعودها كذلك على الاستمتاع في تلك الفترة بممارسة الرياضة أو الرسم أو صنع القلائد الرائعة, وتخبرها أنه لا داعي مطلقا للخوف من الاستحمام أو الأرق أو العصبية قبل وأثناء النزف الشهري.
البلوغ عند الفتيات وكيف تتغلب الفتاة على آلام ما قبل الدورة الشهرية؟
●تدليك عضلات البطن وأسفل الظهر والقيام بالتمرينات الخفيفة أو المشي أو الركض الخفيف.
● استخدام المسكنات الطبية الخفيفة مثل البنادول أو الباراسيتامول أو البروفين.
●شرب الأعشاب المغلية مثل النعناع و المريمية و البقدونس أو مغلي بذور الحلبة أو مغلي القرفة أو مغلي أوراق نبات الفراولة أو السحلب أو مغلي اليانسون أو الكراوية.
●على الفتاة أن تقلل من تناول بعض الأطعمة قبل وأثناء النزف الشهري مثل السكريات والأملاح والدهون و كذا الشكولاتة والمشروبات الغازية.
● تستعيض عن تلك الأطعمة بتناول غذاء متوازن يحتوي على النشويات والبروتين و الألياف مثل البقول والخضروات والفواكه.
● تتوقف الفتاة عن شرب القهوة والشاي والمشروبات الغازية.
●استعمال أكياس الماء الدافئ(القربة) على منطقة البطن.
● النوم لفترة كافية وعدم السهر و والنظافة الشخصية المستمرة.
انقر هنا لتقرأ طرق التعامل مع المراهق المتمرد
ختاماََ فإن مرحلة البلوغ ليست بالأمر المعقد ولا العسير، بل هي مرحلة من مراحل النمو العادية التي تمر بها الفتاة في مختلف مراحلها العمرية، ولا تستلزم الخوف أو القلق لأنه أمر فسيولوجي طبيعي يحدث مع جميع الفتيات.
غير أن الفتاة الذكية هي التي ستستمتع بمرحلتها الجديدة وبأيام طمثها دون أي قلق أو توتر أو عصبية. و ينبغي على الأم أن تكون مستعدة بالمعلومات اللازمة والنصائح المفيدة وتحتوي صغيرتها في خصوصية شديدة ولا تناقش تلك الأمور الخاصة على الملأ، وترشد ابنتها لتقبل جسدها بتغيراته دون أي إحراج أو خجل.
حررته الكاتبة/ أسماء خشبة
زورونا على صفحة منصة حلا فيس بوك
منصة حلا لقصص الأطفال ترحب بجميع الاقتراحات
ـــــــــــــــــــ تم ـــــــــــــــــــــــــ