الذكاء الاجتماعي وتنميته عند الطفل
كثير منا يحتار في أول يوم يرسل فيه ولده إلى المدرسة في نوع الوصايا التي سيمنحها صغيره في بداية مشواره.
ومنا من يخاف على صغيره إلى درجة الهوس فيبدأ في تحذيره من كل شيء ومن أي شيء متناسياً أن هذا الإنسان الصغير, له الحق في خوض مضمار الحياة بنقاءه دونما أي تشويش منك ومن تجاربك!
الطفل فرد مكتمل الذكاء بيد أن تجاربه ومهاراته وخبراته في الحياة في مرحلة البناء, وهو حتماً يحتاج أن يبنيها وفق معطيات زمنه بأدوات تتوافق وحاضره ومستجدات عصره.
هنا اعلم أيه الأب الفاضل أنك بت مرشداً لدربه تحتاج أن تكون مطلعاً على تفاصيل الحياة الجديدة وتنظر إليها بمنظور الجيل الجديد لا بمنظورك.
وتجنب محاولة خلع ثوبك القديم ليرتديه ابنك معتقداً أنه حتماً سيصبح مصدر فخر له كما كان في أيامك.
عزيزي المربي, عزيزتي المربية, الزمن بات سريعاً والمقارنة باتت واسعة النطاق, فلا تتجاهلي ذلك إن اردتي بناء شحصية قوية ومرنة من صغيرك.
وهنا سأتطرق لأكثر الأخطاء شيوعاً عند أولياء الأمور في طريقة نصحهم لأطفالهم في السنوات الأولى. بالاضافة إلى أكثر الأخطاء شيوعاً عند معلمات الأطفال أيضاً.
أخطاء تحول بينك وبين تنمية الذكاء الاجتماعي عند الطفل
هناك أخطاء شائعة يكررها بعض الآباء والامهات وبعض المعلمين للأسف على مسامع الأطفال كنصائح تربوية.
ولا يعلم المربي مدى نفاذ سمية التحذير والتخويف المفرط للطفل من عالمه الخارجي الذي ينبغي أن يصبح بيته الثاني إلا متأخراً بعد ظهور أول نتائجه على طفلهم.
ومن أكثر هذه الأخطاء انتشاراً مايلي:
التخويف من الزملاء
كأن تحذر الطفل من مرافقة أولاد حارته مثلاً أو أبناء عمومته وربط مشاكلك الشخصية بحياة الطفل وتجربته الخاصة.
التحذير من مصاحبة الفقراء
كثير من الأمهات تربي في طفلها الخوف من الفقراء تحت بند الحماية من الاستغلال لتنتج مؤخراً طفلاً قاسي
القلب فضاً لا يفرق بين الاستغلال ووجوب الرحمة والعطف!
التحذير من اللعب في الشمس
عزيزتي الأم, جميل جداً خوفك على جمال بشرة طفلك ونقاءها خاصة إذا كان الطفل أنثى.
لكن دعيني أذكرك فقط أن البشرة الخارجية إذا احترقت فسوف تتشافى سريعاً مع اجازته الصيفية.
بينما احتراقه من الداخل سيخلق لك طفلاً انطوائياً يصعب التعامل معه أو قد تصنعين بيدك مريضاً
بالنرجسية الجسدية وهذه كارثة كبرى.
التحذير من الجنس الآخر
تفرط بعض الأمهات في تحذير ولدها من اللعب مع البنات أو العكس وهي لا تعي خطورة ذلك في السن
المبكر ولا تدرك الكم المهول من الأسئلة التي سيتركها تحذيرها ذاك وما نوع الاجابة التي سيحصل عليها
الصغير إن حاول البحث عن الاجابة فاتركي الأمر كله لمعلمته لتؤديه بأسلوب تربوي مبني على معرفة.
النقد اللاذع للآخرين
إن تربية الطفل على اعطاء رأيه في أشكال الأطفال وخطوطهم ومستواهم الدراسي وتصرفاتهم ( التنمر) يبني شخصية منبوذة لا يطيقها أحد.
البشر عيوب تمشي على الأرض تنشد الستر من الله, وكون طفلك يكثر من نقد الآخرين, هذا لا يعني أنه خالٍ من العيوب فلا تخدعي نفسك وتفرحي بما يقوله عن الآخرين.
التخويف من الله
هنالك فرق عزيزي المعلم بين التربية الإيمانية وبين الارهاب التربوي والمبالغة في التخويف ووصف النار والشيطان!
ألا تتذكر أن من يجلس أمامك هو طفل في السادسة من عمره وأن حديثك سيجعله خائف وجل كثير الكوابيس قبل أن يجعل منه صارماً يطلق الأحكام على زملاءه بشكل مفرط!
عزيزي المربي, هناك كثير من المصطلحات التي تستطيع أن تغرس بها مراقبة الله في نفس الطفل بالترغيب قبل الترهيب وامنحه من المعلومات ما يتناسب مع عمره أو اتبع المنهج ولا تضف عليه كلمة.
الأنانية
كثير من الأمهات لا تهتم في نوعية الشخصية التي سيكون عليها صغيرها بقدر ما تهتم بحصوله على المركز الأول!
نعم عزيزتي لكن تحذيرك المستمر لطفلك بالاحتفاظ بالمعلومة سينتج لك طفلاً أنانياً يصعب عليه العطاء فيصبح مبغوضاً بين رفقته, والخطير أن يعتاد على ذلك.
الانصاف للأقوى!
عزيزتي التربوية إذا واجهتك مشكلة بين طفلين أحدهما قد أتلف حق الآخر أو أخذه مثلاً, فالواجب هنا غرس قيمة الحق بين الطلاب مع التسامح.
والخطأ الكبير هو أن تغرسي التسامح فقط متجاهلة احترام الحقوق, فيميل ميزانك ليجد الطفل نفسه مسلوب الحق بحجة التسامح!
هنا سيعتاد الطفل على ذلك أو يتجه إلى استخدام القوة إن نصحته طبعاً والدته بذلك ليصبح البقاء للأقوى
وتفسد التربية الاجتماعية وتنمية الذكاء العاطفي عند الطلاب الصغار.
الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي ونصائح منصة حلا
هنالك طرق عديدة لتنمية الذكاء العاطفي والاجتماعي عند الأطفال وبناء شخصية اجتماعية ذات علاقات
صحية ناجحة منها:
نصائح البناء الثلاث
من أجمل النصائح التي تبني الذكاء العاطفي عند صغيرك هي نصائح البناء الثلاث التي تمثل حجر الأساس
في بناء شخصيته الاجتماعية:
1- اشرح لزميلك ما فهمته.
2- صاحب من لا صاحب له.
3- اضحك مع زميلك ولا تضحك عليه.
النصيحة الأولى تقوي المعلومة عند طفلك وتثبتها لأنه يقوم بشرحها, وتقوي علاقته بزميله الذي تعاون معه وتطفىء حاسة الأنانية وتذهب بغرور الأذكياء البغيض وتجعل من طفلك محبوباً بين زملائه.
النصيحة الثانية تنمي شعور النخوة عند طفلك وتجعله الصديق الوحيد لطفل آخر وتعلمه الرحمة والمودة فيصبح لطيفاً ودوداً لين الفؤاد محبوباً بين زملائه.
النصيحة الثالثة تصرف من الطفل خلق النذالة وهو خلق مذموماً.
إذ أن من يضحك على صاحبه ويضحك الآخرين عليه لا يمكن أن يكون اجتماعياً بطبعه فهذه الصفة منفرة لما تخلفه من أثر سلبي في النفس وذكريات موجعة.
قيوداً من ورود
بدلاً من غرس شعور العار من اللون الأسمر وتخويف الطفل من اللعب في الشمس أو التراب فاغرس أفكار لها علاقة بالصحة.
علمه العناية بنظافتة وفوائد الاسترخاء في الظل, ستجعل من الطفل مجتهداً جيداً يلعب قدر حاجته ويحافظ على نفسه ونظافته.
وعليك أن تتذكري أن العلاقات الاجتماعية تبنى أثناء اللعب, والجسد ينمو أثناء اللعب, والمعلومات أيضاً تستساغ باللعب.
وكثيراً من المهارات الحركية تتطور أثناء اللعب, واتركي الباقي على معلمته وظلي على تواصل مستمر بها.
التربية النوعية
أن تربي طفلك على أخلاق الرجال وحب سماتهم وعلى تجنب اللعب مع الفتيات حفاظاً عليهن من الأذى
خير لك من تخويف طفلك بطريقة لا تتناسب مع فطرته السليمة كقول ( عيب, عورة…).
والعديد من الألفاظ التي تفتح عيني الطفل على أمور لا تتناسب مع سنه فتجعله يخدش حياء زميلاته بألفاظ جارحة.
ومن الملاحظ في المدارس المختلطة أن الآطفال الذين يقبلون من القرى يلتفتون إلى أمور لا يلتفت إليها
الطفل العادي ويتلفظون بألفاظ تجرح الصغيرات مثل ( احتشمي, قليلة الحياء, ….)
وذلك يعود لعملية مصادرة البراءة التي قام بها والداه بحجة التربية فلا تتعجل الأمور واجعل كلاً في وقته
المناسب.
حب الله
أن تحكي لطفلك الكثير من القصص التي يتجلى فيها عفو الله وانصافه ولطفه ووده, صف له الجنة واشرح له
أسماء الله الحسنى التي تحتوي على الرحمة والود واللطف وأخبره أن الله يحب الأطفال.
اجعله يحب الله وأخبره بالأفعال التي لا يحبها الله في أحبابه واجعله يقبل عليه حفاظاً على حبه ورضاه واعطه من المعلومات ما يتناسب مع فطرته وبساطة تفكيره.
ذلك لأن الغوص في دقة التشريعات يجعل من الطفل يصدر أحكاماً على زملائه في سن لا توازن فيها مما
يخلق عداء بين الأطفال من جهة ويجعل الطفل ذاته غير متقبل لمن حوله من جهة أخرى!
أتذكر يوماً من الأيام أن أحد أبنائي جاءني وقال لي فلانة كافرة يا أمي لأنها لا ترتدي الحجاب, وكان يتحدث عن إحدى شخصيات إحدى القنوات الخاصة بالأطفال!
تعجبت كثيراً من حديثه ثم علمت أنه قد سمعه من إحدى المعلمات في المدرسة, حينها شعرت أنها تتلف ما أقوم ببنائه وأجريت اتصالاً هاتفياً بها, تحاورت معها في كثير من النقاط التربوية.
أخيراً بناء شخصية اجتماعية قوية يتطلب كمية مهولة من التوازن ومساحة من الحرية مع المراقبة السرية طبعاً.
إلى جانب تجنب فتح عيني صغيرك على أمور لا تتناسب مع سنه والأحرى لعب دور الصديق بدلاً من دور الآمر الناهي, إذ أن الصديق له تأثيراً مضاعفاً مقارنة بالأب والام.
علمه تقبل الجميع باختلاف توجهاتهم وانتقاء المناسب لنفسه كأصدقاء مقربين ولا تحذره ولا تخوفه من أحد واترك له مساحة التجربة وابقى على اتصال بمعلمه ولا تنساه دون متابعة خفية لبناء شخصية اجتماعية ودودة يحبها من حولها.
ولا تنسى القصص وتأثيرها على مبادئ الصغار وقد استخدم الله عز وجل القصص لتربية الصحابة فكيف بالأطفال.
منصة حلا لقصص الأطفال تنصح أيضاً بقراءة المقالات الآتية:
واتساب والاستخدام الآمن للأطفال – مهارات تربوية
انقر هنا لقراءة مقال حول طرق تطوير ذكاء الطفل
مقال عن تطوير الذكاء الاجتماعي أو الذكاء العاطفي لبناء شخصية اجتماعية – منصة حلا