الطالب الصامت في الصف مشكلة ولها حل
يعتبر الطالب الصامت في الصف من أشهر المشاكل التي تواجه المعلمين.
إذا أن وضع علامة الشفوي يعد أمراً صعباً خاصة إذا قررت أن تكون منصفاً.
يلاحظ بعض المعلمون خاصة معلموا الصفوف الإبتدائية ركود بعض الطلاب في الصف وقلة تفاعلهم مع الدرس.
والغريب أنهم يحصلون على درجات عالية وقد تكون مكتملة في الإختبار التحريري وهذا قد يؤدي إلى حيرة في وضع درجات الشفوي.
ربما قد تراودهم فكرة أن الطالب من النوع الهادئ وأنه من الظلم إعطائه درجة ناقصة مقارنة بتحصيله في الإختبار التحريري!
وفي حال اعطاء الطالب درجة كاملة فسوف يخلق ذلك صدمة لباقي طلاب الصف المتفاعلين وهي أن يحصل الطالب الصامت على درجة كاملة!
وهنا يجب علينا أولاً أن نقوم بعدة خطوات لكي نصبح معلمين منصفين ونضع للطالب درجته التي يستحقها منها:
- فلسفة صمت الطالب
- الجدية في حل المشكلة
فلنبدأ في حوارنا في فلسفة صمت الطالب إذ أن فهم المشكلة يعد نصف حلها.
وبدلاً من إعطاء المعلم كم مهول من المهارات الجاهزة، يجب عليك كموجه إعطاء المعلم مفاتيح تساعده في فلسفة المشكلة أولاً.
ولكي يلوح له الحل وتتألق في ذهنه أفكار تناسب ونوعية طلابه, يجب أن تتوفر فيه سمة الحكمة أولاً.
وعليه أن يطرح أسئلة فلسفية تقوده إلى الحل المناسب, ومثال على تلك الأسئلة الفلسفية التي يسأل بها المعلم نفسه:
1- هل هو هادئ أم أنه غير مركز؟
2-هل يعتمد في فهم الدرس على الفصل أم استذكار المنزل؟
3-هل هو خجول أم جريئ؟
4- هل أسلوبي ممل أم تفاعلي؟
5- هل أنا أميل عاطفياً إلى طالب دون الآخر؟
6-هل الطالب يشعر في حصتي بالأمان والثقة؟
7- هل الطالب يحب المادة التي أقوم بتدريسها؟
ستقودك الاسئلة إلى البحث عن إجابة عليها وقد تساعدك الاجابات في فهم مشكلة الطالب كأن تحصل مثلاً على الاجابات التالية:
1-الطالب كسول ويعتمد على مذاكرة والدته في المنزل.
2- الطالب خجول ويخجل من رفع اصبعه للاجابة.
3- الطالب ذكي ومتفاعل مع غيرك من المعلمين.
4- الطالب لا يذاكر ابدا وتحضر له والدته معلم خصوصي في فترات الاختبار.
5- الطالب يتعرض للتنمر من زملائه فقرر الصمت.
6- يعاني من التلعثم، التأتأة، لاينطق بعض الحروف، أو قد يخاف منك.
7- يشعر أنك لا تحبه.
8- أسلوبك في الشرح يفتقر للتحفيز بينما أحد زملائك يحفزه بأسلوب ممتع.
9- الطالب سريع الملل ويحب اللعب أثناء الحصة.
10- الطالب ماهر في الغش!
كل الإجابات التي ستحصل عليها ستساعدك حتماً في فهم المشكلة والتعرف على ماهية داء الصمت في الحصة الذي يدخلك في حيرة أثناء وضع درجة الشفوي.
لا أخفي عليك عزيزي القارئ أن الطريقة الحازمة والقوية هي وضع الدرجة وفق الملاحظة تماماً بمنتهى الدقة.
لكن يجب عليك إدراك أن الأخلاق التربوية والروح المهنية لك كمعلم ينبغي أن تدفعك وبقوة باتجاه الإنصاف والعمل بالأسباب كاملة حتى تصل إلى قمة العدالة معه.
فهل يوجد بعض المهارات أو الأساليب التي تساعد في خلق شعلة من التفاعل داخل الصف؟
الطالب الصامت و الجدية في حل المشكلة
لكي تصبح جاداً في حل مشكلتك ولا أقول مشكلة الطالب لأني ممن يؤمنون أن المستوى الشفوي والتفاعلي للطالب
يدل على مستوى المعلم, فمن الضروري أن تقوم بتحليل كل المعطيات التي حصلت عليها وتحويلها إلى إجابات حاسمة
ونافعة وهنا سأتطرق لذكر بعض الطرق التي استخدمتها لكسر حاجز الركود والصمت في حصة التاريخ.
1- طريقة توزيع الكروت الربحية
كانت تلك الطريقة من أجمل ذكرياتي في مرحلة التدريس إذ أن المدرسة التي كنت أعمل فيها في تعليم مادة الاجتماعيات وهي التاريخ,الجغرافيا والوطنية.
حينها كنت ألاحظ أن مادة التاريخ بالذات مادة تجلب النوم في الصف بينما يحصل معضم الطلاب على الدرجة كاملة في الأختبار التحريري!
كنت أحتار في وضع درجة الشفوي فقررت إنعاش الطلاب وإخراج كل القدرات الكامنة.
كنت أدرس حينها أربعة مراحل وهي الصف الخامس، السادس، السابع و أول ثانوي أو العاشر.
قررت توزيع كروت صفراء وهي الكرت الذهبي, زرقاء وهي الكرت الفضي, وخضراء وهي كرت المشارك بينما الوردية وتعني نصف درجة.
وطلبت من الطلاب جمع ما يحصلون عليه من كروت لأضع وفقها الدرجة الشفوية.
بدى الأمر بالنسبة للطلاب أشبه بتنافس جمع الكروت ولاح التفاعل بشكل ملحوظ في صفوفي مما أعطاني دفعة نفسية قوية للمواصلة.
لكني واجهت مشكلة مع وضع الدرجات إذ جائني بعض طلابي من الصف الخامس يبكون درجاتهم وتفاعلهم!
ولما سألتهم عن السبب، اتضح لي أن بعض طلاب الصف السابع والعاشر قد اشتروا منهم كروتهم!
كان الأمر مضحكاً ومحيراً بالنسبة لي إذ أنه من الصعب تجاهل نشاطهم وتفاعلهم طوال الشهر!
فقررت بعدها تنويع الأشكال أيضاً فجعلت التقسيم كالآتي:
شكل القلب للأوراق للصف الخامس
والشكل النجمة للصف السادس
و شكل الورق المربع للسابع
بيتما شكل الدائرة للصف العاشر
ليصعب على الأطفال الكبار خداع الأطفال الصغار, وكان كل كرت يحتوي توقيعي المعقد لضمان سلامة العمل.
كانت تجربة فريدة وممتعة خاصة وأنا أرى الاهتمام بتلك الأوراق وتغليفها والاحتفاظ بها.
و ساعدتني تلك الطريقة في وضع درجات أكثر دقة للشفوي.
2- غرس التنافس
هنالك عدة طرق لغرس دفعة مهولة من التنافس لكن يجب عليك أن تمسك العصا من المنتصف لكي لا يصل الأمر إلى غرس الغيرة والحسد بدلاً من التنافس.
ومن طرق غرس التنافس, طريقة خريطة الكنز
إعلان التقدم والتأخر بشكل يومي كأن تقول مثلاً وصل فلان إلى منطقة كذا بينما فلان في المنطقة كذا..
يتقدم فيها الطلاب حسب النقاط التي يكسبونها بشكل يومي عن طريق جمع النقاط.
وهي طريقة قوية وتخلق معركة من التنافس خاصة إذا كان الكنز قطعة حلوى أو هدية في آخر الطريق الذي يجب عليك رسمه بأسلوب ممتع.
طريقة البنون أم البنات
اذا كنت ممن يدرسون شعبتين لكل صف مثلاً سادس بنون وسادس بنات فتستطيع إعلان التقدم بين البنون والبنات بشكل يومي.
وحبذا أن تعطي الشعبة الفائزة هدية آخر الشهر وهو ما يخلق تنافساً شرساً بين البنات والبنين.
طريقة رفع التقييم اليومي
وهي من أجمل تجاربي حيث قمت بفتح قنوات في التليجرام لكل صف وكنت أقوم بتصوير الدفاتر الجميلة والطلاب الهادئين والطلاب الاذكياء المتفاعلين بشكل يومي.
ورفع تقيمات يومية عبر القنوات التي يشترك فيها أولياء الأمور بالاضافة إلى ملخصات للدرس وصور تخص الدرس القادم والعديد من الاستخدامات.
لاحظت بتلك الطريقة أن التنافس صار يشمل أولياء الأمور أيضاً خاصة أني كنت أقوم بتنسيق فيديو كل شهر يحوي صور المتفوقين وأقوم بتكريمهم في القنوات.
لكن يجب عليك أن تحذر من رفع أي تقييم سلبي والتركيز على الإجابي فقط.
ومن أجمل المواقف الطريفة التي واجهتني هو موقف أحد طلاب الصف السادس, إذ كان دفتره يستغيث ألماً ويعاني من اتساخ مفرط!
وحالة مزرية تجعل المعلم يستقيل من مهنته ليعمل درويشاً يتغنى بالمعاناة والألم في الأروقة والشوارع.
وحين قمت برفع صور بعض الدفاتر الجميلة تفاجات في اليوم التالي بالطالب يطلب مني تصحيح دفتره وتصويره فأخبرته أن دفتره مصحح بالفعل فقال:
“لقد حصلت على قتلة من والدي ليلة أمس, و قام أيضاً بتمزيق دفتري, وطلب مني اعادته من الصفر..
وأقسم أنه إذا لم يراه في القناة بأنه سيمزقه من جديد ويجعلني أقوم باعادته”
شعرت بالرحمة تجاه الطالب لكني لا أنكر أن موقف تصحيح المسار من والده وفر علي مجهود إلقاء المحاضرات في الترتيب والنظافة والاهتمام.
والأمر هنا يعني ولي الأمر إذ أن إهمال الطالب لفترة طويلة لا يحل بعدها بالضرب وكان بإمكانه تصحيح المسار بأي طريقة تحفيزية أخرى.
قمت بتصحيح دفتره واشدت بجماله أمام الطلاب وقمت بتصويره ووضع الصورة في القناة وكتبت:
(سلمت الأنامل التي كتبت والأنامل التي ربتها)
طريقة السؤال المفاجئ
وهذه الطريقة تستخدم مع الطالب المهمل وليس الخجول أو ذاك الذي يتعرض للتنمر.
إذ أنها تجعله مستعداً باستمرار للإجابة على أي سؤال فلا يسهو ولا يغفل.
طريقة العمل المسرحي
مسرحية موضوعها الدرس, يحضر لها بعض الطلاب أو المعلم
عرض مقطع مرأي
المقطع المرأي لا يمحى من الذاكرة, وهذا يذكرني بمقطع مرأي نشرته في القناة للحظة شنق المناظل عمر المختار
إذ لاقى ذلك المقطع تفاعلاً عجيباً في الصف بعد عرضه مرة أخرى فلاحظت في الاختبار أن السؤال هذا بالذات لم يخسر درجته أي أحد من الطلاب على الاطلاق.
وهنالك العديد والعديد من المهارات التي يعتمد فيها المعلمون على مناخهم الدراسي الخاص وعلى مدى فهمهم لطلابهم.
طريقة الخروج من البيضة
كنت ألاحظ أن الطالب الخجول يبدو كعصفور صغير محبوس في بيضته عاجزاً عن كسرها, لذا أسميتها بهذا الأسم فالطالب في هذه
الحالة يحتاج إليك في مساعدته للخروج من بيضته. وهناك عدة طرق ووسائل لكسر قشرة الخجل منها, اشراكه في عمل مسرحي, تعويده
على الإلقاء, وأيضاً الحديث معه لعدة مرات لجعله يتغلب على خجله منك.
طريقة الملاك الحارس
قد يبدو المفهوم واضحاً من التسمية وقمت بتسميتها بهذا الاسم لأن المعلم قد يجد نفسه ملاكاً حارساً أحياناً.
فالطالب قد يتعرض للتنمر أحياناً خاصة إن كان يعاني من صعوبة في النطق.
هنا عليك شحذ كل همتك وحكمتك في جعل ذلك العيب شيئاً جميلاً ونادراً يجعل من الطفل فخوراً بتلك الصفة ويستعيد ثقته بنفسه بالتدريج.
الطالب الصامت والمعلم الذكي
أعزائي المعلمين والمعلمات الكرام, يجب علينا كتربويين أن نعي أن درجة الاختبار التحريري إذا كانت تمثل مجهود الطالب، فإن درجة الشفوي تمثل تألق المعلم.
وأن وضعها بشكل عشوائي يساهم إلى حد كبير في خلق خلل في الفهم والاستيعاب والتفاعل الدراسي عند الطلاب.
التفاعل في الصف والاندماج النفسي وخلق رابط روحي بينك وبين المتلقي أمامك يجعلك أنت وصفك جزء من ذكرياته.
واحب أن أنوه أن التفاعل الم يكن داخل الصف حول المادة والدرس فسوف يكون خارج الصف حول السخرية منك ومن أسلوبك.
الطالب الصامت لا ينبغي أن يغرد خارج سرب الطلاب بل ينبغي على المعلم أن لا يوفر جهداً ولا حيلة في استخدام مهارات تربوية قوية
في جعله متفاعلاً في الصف آمناً من التنمر بعيداً عن الخوف والخجل وأهم ما يجب على المعلم البدء به هو فلسفة المشكلة وفهمها.
عزيزي المعلم إن انحطاط المعلم إلى مستوى شحذ الرضا بوضع درجات وهمية أو شعورك بالكسل واللامبالاة تجاه مسؤوليتك سيجعل
منك عنصراً سيئاً في ذكريات الطلاب ومربي فاشل في نظر من تنحط لأجلهم قبل غيرهم.
واود أن أذكر بأن فهم المشكلة هو الطريق الأقصر لحلها.
منصة حلا لقصص الاطفال تنصح أيضاً بقراءة المقالات التالية في مجال مهارات للاطفال:
انقر هنا لقراء موضوع عن طرق ضبط الصف
انقر هنا لقراءة موضوع عن فوائد تعليم الطلاب الحساب الكمي