بلال بن رباح مؤذن الرسول ﷺ
بلال بن رباح مؤذن الرسول ﷺ, إن تاريخ الإسلام زاخر بالأبطال الذين هم بمثابة النجوم المضيئة التي نقتدي بها في ظلمات الحياة لنرضي الخالق ونعيش حياة سعيدة مستقرة.
اليوم سأقدم لكم بطلاً جديداً من أبطال التاريخ الإسلامي، الذي تعد حياته زاخرة بالمواقف الشجاعة, وأؤكد لكم أن تفاصيل حياة بطلنا ملهمة وتشع نوراً وتعلمنا الكثير عن الصبر والشجاعة وحب رسول اللهﷺ.
إنه أول من دخل في دين الله من العبيد وسابع من دخل في الإسلام، كما أنه أول مؤذن في الإسلام، كما اختاره رسول الله ﷺ بنفسه ليكون مؤذنه في الحل والسفر و سيد المؤذنين يوم القيامة ببشارة رسول اللهﷺ، ليس هذا فقط بل إن رسول اللهﷺ قال أن الجنة اشتاقت إليه.
إنه الصحابي الجليل بلال بن رباح، تعالوا لنقترب منه وننهل من سيرته العطرة لنتعلم ونتخذه قدوة في حياتنا. بلال بن رباح, هو أبو عبد الله بلال بن أبي رباح القرشي التيمي الكندي.
أمه حمامة كانت أمة لبعض بني جمح. ولد بعد عام الفيل بثلاث سنوات، هاجر إلى المدينة وشهد جميع الغزوات مع رسول الله ﷺ. وهو أول من أذن لرسولنا الكريم ﷺ كما أنه كان خازن على بيت مال النبيﷺ.
إسلام بلال بن رباح
بلال بن رباح كان شاباً قوياً فتياً ذات عضلات، لكنه كان عبداً لدى بني جمح عند أمية بن خلف أحد سادات قريش، كان أمية في بادئ الأمر مسروراً جداً من قوة بلال الجسدية لأنه كان ينجز المهام الشاقة بسهولة ويسر وكان أمية يباهي سادات قريش بامتلاكه عبداً حبشياً قوي البنية.
لكن بلال كان يعجب من الحياة الظالمة التي جعلت بعض بني البشر سادةً يلبسون أفخر الثياب ويجلسون على الأرائك والفرش الحريرية ويأكلون أشهى وأطيب الأطعمة ويصدرون الأوامر و يتحكمون بالرقاب والبعض الآخر عبيداً لا حيلة لهم، لبسهم الرث من الثياب وطعامهم اليومي كسرات من خبز الشعير الجاف ولا يُقبل منهم سوى السمع والطاعة ومن يخالف هذا الدستور الظالم, ينال أشد أصناف العذاب وقد يتعرض للقتل ولا دية له أو يتم بيعه في سوق العبيد إلى مالك جديد.
لم يخفى على بلال أن هذا الدستور ظالم ولابد من تغيره، إذ أن الجميع خلق واحد فكيف لمخلوق أن يملك آدمي مثله. لطالما تمنى بلال أن يعيش حراً بعيداً عن قيد العبودية وذل سيده أمية.
ولما سمع بلال في طريقه في أحد شوارع مكة عن دين جديد يدعو إليه محمد بن عبدالله وعلم أن أهل مكة وخاصة السادة يجتمعون كثيراً في دار الندوة للتشاور في دين محمد ويتهمونه بالكذب والجنون.
أراد بلال بن رباح أن يستعلم عن هذا الدين ويتأكد بنفسه مما يسمعه عن محمد ويعرف سر عداء سادة قريش وحنقهم على محمد و الدين الجديد.
عاش بلال في تلك الفترة مشغول الفكر حيران، إذ كيف لمحمد الذي اشتهر بالصدق والأمانة طوال حياته بين الجميع أن يكون كاذباً، فعزم على التسلل ليلاً إلى بيت أبي بكر ليسأل عن الدين الجديد، وبالفعل ذهب بلال خفية وسأل أبو بكر عن الدين ولما علم أنه الدين يساوي بين السادة والعبيد ولا فرق فيه بين بني البشر فالكل أمام الله سواء لا فرق بين أبيض وأسود ولا فقير ولا غني وأن المعيار فيه هو التقوى والعمل الصالح،
تيقن بلال أن هذا دستور سماوي أرسله الله ليحقق العدالة الغائبة و يعيد البشرية إلى نصابها الصحيح.
و علم بلال أن ما جاء به الدين من قبل الخالق عظيم السلطان وليس من قبل أي بشري على الإطلاق. فأعلن إسلامه على الفور، إذ أن هذا الدين الذي يرحم الفقراء و المستضعفين والعبيد هو دستور الرحمة السماوي من عند خالق هذا الكون الذي لا شريك له.
تعذيب أمية بن خلف لــ (بلال بن رباح)
قلنا أن بلال كان عبداً مملوكاً مثل أمه لدى بني جمح، وعندما علم سيده أمية بن خلف عن إسلامه إستشاط غضباً، إذ كيف لعبدٍ حقيرٍ مملوكٍ لا قيمةَ لهُ أن يخالف رأي سيده وهو على تمامِ اليقين أن سيده من ألد أعداء هذا الدين!
كيف لعبد أحمقٍ أن يتركَ عبادةَ اللات والعزى ويعبد إلهاً في السماء ويعتقد بالحياة بعد الموت والحساب!
هنا عزم أمية بن خلف أن يلقن هذا العبد الآبق الصابئ درساً قاسياً في السمعِ والطاعةِ ويجعله عبرة ليس لعبيده فحسب وإنما لكل عبيد مكة وشعابها و يجعله يتوقف عن ترديد هذا الهراء و ينتصر لدين الآباء وينتقم للآلهةِ من هذا العبد الصابئ.
قام أمية أول الأمر بربط بلال من رقبتهِ وأمر الصبيان أن يطوفوا به في شوارعِ مكة وشعابها حتى يسخر الجميع منه، فيهتز هذا القوي الأبي ويعود لرشده، لكن بلال ظل ثابتاً مثل الصخر ولم يثنيه ذلك عن التمسك بدين الله قيد أنملة وظل يردد: “أحد أحد”.
هنا أشتد حنق أمية فلم تجد السخرية نفعاً مع هذا الصابئ، فقرر أن التعذيب البدني هو الحل الأمثل، وأخرج بلال في وقت الظهيرة تحت شمس مكة الحارقة و طرحه على ظهره في بطحاء مكة وقيد يديه وقدمه وأمر بصخرةٍ عظيمةٍ أن توضع على صدرهِ، ثم قال له:
” لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى”، فيكرر بلال في ثبات ويقين وهو في هذا الاختبار القاسي دون أي تردد: “أحد أحد “.
حزن الناس و العبيد بما حل ببلال القوي وتعجبوا وتساءلوا, لِمَ يقاسي بلال كل الهوان والعذاب من أجل محمد بن عبدالله ودينه الجديد!
فقام النابهين منهم بالتسلل إلى دار بن أبي الأرقم لمعرفة هذا الدين الذي يرفض بلال أن يتركه، وبالفعل دخل الكثير منهم في دين الله، وهناك من أخفى إسلامه وهناك من جهر بإعتناقه للدين وإنضم إلى بلال في التعذيب.
فرج الله على بلال بن رباح
إن البلاء ينزل ويشتد بالمسلم حتى يعلم الله المسلم الحقيقي من المنافق فالمسلم إذا اشتد به الكرب وحلت به النوازل دعا الله وهو موقن بالفرج أما المنافق فإذا أتاه اختبار الله نكص على عقبيه وتخلى عن دينه وتعاليمه.
كان بلال بن رباح من الفائزين لأنه كان من الصنف الأول الذي تحمل وصبر ولم يخش في إسلامه لومةَ لائم وفضل البقاء تحت الشمس الحارقة في بطحاءِ مكة على العودة لعبادة أصنام صماء لا تضر ولا تنفع، حتى ولو كان الثمن حياته.
هنا جاء نصر الله وعونه إذ أن أبا بكر الصديق كان يمر على بلال ويتألم من رؤيته يعذب. فقيل له اشتر أخاك بلالاً. فطلب أبو بكر من أمية أن يبيعه بلال فوافق أمية لأنه أيقن أن بلال لن يعود لدين الآلهة وأن مصيره الموت المحقق، فقرر أن بيعه والحصول على مقابل مادي خير له من تركه يموت بلا ثمن. وطلب من أبي بكر 40 أوقية ذهبية فوافق أبو بكر على الفور وقال لأمية:” لو أبيت إلا مائة أوقية لاشتريته” ثم أعتقه لله.
بلال بن رباح مؤذن الرسول وحياته في المدينة
بعد أن تحرر بلال من رق العبودية توجه بقلبه وجوارحه لله ووهب نفسه لدين الإسلام وعندما أمر رسول الله ﷺ أصحابه بالهجرة, هاجر بلال إلى المدينة وهناك اقترب من رسول الله ﷺ وتعلم في مدرسة النبوة وانطلق مجاهداً في صفوف الجيش الإسلامى دفاعاً عن الإسلام، فكان حقاً على الله أن يكرم هذا المخلص الذي أحب الله ورسوله ويخلد اسمه في التاريخ بحروف من نور.
مَنَّ الله على بلال من فضله وجعله مؤذن رسول الله ﷺ, تخيلوا أن بلال كان يؤذن لرسول اللهﷺ ويراه خمس مرات في اليوم, ياله من شرف عظيم!
وكان صلى الله عليه وسلم يحبه ويعرف فضله وقال ﷺ فيه عدة مقولات منها:” اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: علي وعمار وبلال”.
تخيلوا الجنة تشتاق لسيدنا بلال أسأل الله العظيم أن يجعل الجنة تشتاق إليكم أيضاً.
وقال عنه ﷺ: ” نعم المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة”.
وقال عنه أيضاً:” بلال سابق الحبشة”.
ولما دخل رسول الله ﷺ مكة فاتحاً منتصراً أمر بلالاً أن يؤذن على ظهر الكعبة، فسمعت مكة وشعابها صوت هذا الذي خرج منها بعد أن تعذب في بطحائها وهو يعلو فوق بيت الله الحرام.
وكان الشرف العظيم من نصيب صاحب القلب العظيم, بلال بن رباح الذي جار عليه الرق وغابت عن قدميه رمال الوطن وتجافت عنه مشاعر الحرية وأحكم الرق قبضته على عنقه. إلا أن كل ذلك الألم ما حال بينه وبين خليله في السماء الذي وجه إليه قلبه مطمئناً لا عابساً ولا متذمراً!
و كل تلك الذكريات الأليمة و الأسى والهوان ذهبوا إلى غير رجعة فها هو بلال يدخل مكة سيداً مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وينال شرف الأذان فوق الكعبة.
بلال بن رباح بعد وفاة الرسول الكريم ﷺ
لما توفى رسول الله ﷺ لم يطق بلال أن يبقى في المدينة بعد وفاة حبيبه فاستوحشها بدون رسول الله ﷺ ولم يؤذن قط بعد وفاته وقرر أن يرابط في بلاد الشام, وغادر المدينة متجهاً إلى بلاد الشام.
وفاة بلال بن رباح مؤذن الرسولﷺ.
وتوفى رضي الله عنه سنة 20 للهجرة في دمشق. أرأيتم كيف كانت حياة بلال وجلده وصبره وحبه لدين الله وكيف تحمل العذاب والمعاناة الشديدة من أجل دين الله، وكيف كرمه الله في الدنيا بأن جعله مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي ظل الإسلام, دين الله الحق, كان ذلك العبد الأسود الحبشي سيداً بتقواه, ذلك لأن نبي البشرية وخاتم النبيين كان يعي أن اختلاف الألوان والألسن آية من آيات الله وما وجدت التفرقة والعنصرية والجاهلية إلا على يد بني البشر الذين اتخذوا من هواهم ديناً يعبد ومن أمزجتهم صنماً وسجدوا له!
دمتم بكل ود….
منصة حلا لقصص الاطفال تنصح بقراءة قصص الصحابة اللآتية:
انقر هنا لقراءة قصة معاذ ومعوذ في غزوة بدر
انقر هنا لقراءة لقراءة لقراءة قصة طفولة علي كرم الله وجهه
المصادر
– سير أعلام النبلاء.
– موقع إسلام ويب.
– موقع إسلام أون لاين.
– كتاب حلية الأولياء.
– كتاب طبقات بن سعد.
قصص للمراهقين – قصص اطفال مكتوبة