تربية الطفل في الخمس السنوات الأولى – منصة حلا 2024
تربية الطفل في الخمس السنوات الأولى
تربية الطفل في سنواته الأولى يترتب عليها الكثير, إذ أن ما تغرسه الأسرة في الـ 1000 يوم الأولى يعتبر البذرة التي سرعان ما تنمو وتخرج الثمار. إن اهتمت الأسرة قدر الإمكان بتربية الطفل على أسس صحيحة, انعكس ذلك على طريقة تفاعله مع أقرانه ومع المجتمع ككل. ونعي تماماً في منصة حلا أن طفل اليوم يختلف اختلافاً كليا عن طفل الأمس.
فقد غزت التكنولوجيا الحياة العصرية وألقت بظلالها كل الكبار قبل الصغار. وأصبح الطفل منذ نعومة أظافره قادر على التعامل مع الهواتف الذكية ولعب الألعاب ومتابعة قنوات اليوتيوب. وكل هذا ينعكس على سلوكه وأصبح التواصل مع أطفال اليوم, ويشكل عقبة وتحدياً للأبوين. واليوم نحاول إرشاد الأبوين إلى الطريقة المثلى للتعامل مع أطفال التكنولوجيا.
أهمية السنوات الأولى للطفل
يجب أن ندرك أن الطفل يحتاج إلى رعاية واهتمام منذ لحظة الميلاد, ولا يجب أن نعامل الطفل الرضيع على أنه كائن يحتاج فقط إلى الرضاعة وتغيير الحفاض. ولابد للأم أن تتحدث مع طفلها من اليوم الأول وتناغيه وتحتضنه كثيراً وتداعبه.
وفي سنواته الأولى يتطور مخ الطفل بطريقة مذهلة وتنمو خلاياه العصبية وتترابط فيما بينها بما يعادل مليون رابطة عصبية جديدة لكل ثانية.
وتلك الروابط تتوقف في المراحل العمرية التالية, لهذا فإن تغذية الطفل عاطفياً أمر شديد الأهمية. ولابد من أن نمطر صغارنا بالقبلات والأحضان ولا نبخل في تقديم الحب والحنان الكافي, لأن كل هذا يعزز بناء دماغ الطفل بطريقة سوية.
وعليك أن تعي أن كثير من الدراسات اثبتت أن لعب لمدة ربع ساعة, كفيل في تزويد الطفل بملايين الوصلات العصبية. بينما اثبتت كثير من الدراسات أيضاً, أن كل وجبة يتناولها الطفل يذهب 75% منها إلى دماغ الطفل في السنوات الأولى من عمره.
هذا يعني أن شخصية الإنسان تتبلور وتحدد سماتها الأساسية التي سترافقه إلى نهاية عمره في الخمس السنوات الأولى من عمره!
تربية الطفل من خلال تغذية الخيال
نعي تماماً أن مفردات الحياة العصرية قد طغت فيها المادة على الروح فقتلت الخيال. إذ يمكن للأسرة أن تعزز الإبداع والابتكار والقدرة على التخيل عن طريق “حكاية قصة على الطفل قبل النوم”.
دع طفلك يتخيل الأحداث والشخصيات وإذا ناقشك في تصرف أحد الشخصيات تخيل معه وتحدثا سوياً ودع طفلك يغير الأحداث كما يشاء.
ونقدم لكم في منصة حلا لقصص الأطفال مجموعة من القصص الشيقة التي تساعد على تنمية الخيال مع ضمان وجود هدف تربوي ينعكس بالإيجاب على سلوك أطفالكم عند تربية الأطفال في سنواتهم الأولى.
ما هي علامات التربية الخاطئة؟
هناك عدد من السلوكيات إذا ظهرت على الطفل في سنواته الأولى, فاعلم أنك تربي طفلك بأسلوب خاطئ ويجب عليك تصحيح مسارك في تعاملك مع طفلك, وتلك العلامات هي:
• صعوبة التواصل مع أقرانه والمجتمع, ككل يشمل هذا الخجل الزائد, وعدم قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره, فضلاً عن الرغبة في الانعزال وعدم وجود صداقات حقيقية في حياة الطفل.
• اعتياد الكذب, يحدث هذا عادة نتيجة العنف الزائد, إذ يلجأ الطفل إلى الكذب فراراً من العقاب. وقد يميل الطفل أيضاً إلى الكذب للحصول على ما يريد أو حتى ليدفع من حوله لمنحه بعض الاهتمام.
• العدوانية المفرطة, سلوك الطفل العدواني تجاه إخوته أو أقرانه وغضبه وانفعاله لأتفه الأسباب يدل على أن هناك خلل ما في طريقة تربيته.
• الخوف من الناس, إذا لاحظت أن طفلك يخاف بشكل مفرط من أماكن أو أشخاص بعينهم، فاعلم أن هناك خطب ما. شجع طفلك واعرف سبب خوفه.
• انعدام الثقة بالنفس, وتنتج بسبب نقد الطفل باستمرار والسخرية من تصرفاته “شعور اللوم”.
• إدمان الإنترنت, عند عدم توفر الرعاية اللازمة من الوالدين, يلجأ الطفل لألعاب الفيديو للهروب من الشعور بالاحتياج. لكن إدمان تلك الألعاب يسبب فيما بعد تشتت الانتباه وقلة التركيز.
• وجود اضطرابات نفسية, أن يعاني الطفل من الاكتئاب, أو يشعر بالقلق, أو تحدث لديه اضطرابات نوم, فتلك طامة كبرى تقتضي احتواء الطفل وضرورة صب الحنان عليه صباً وتخصيص وقت لسماعه ومعرفة سبب ما يحزنه ويقلقه.
• عدم الاكتراث للوالدين, قد يظهر الطفل عصياناً وتمرداً على قرارات الوالدين ويبدي عدم احترامه لهما والشعور بالاستياء منهما. يدل هذا على وجود خلل ما أو نقص يراه الطفل ويتمنى تعديله لكنه لا يستطيع أن يتعامل أو يعبر عما يزعجه لهذا يضطر إلى المشاغبة والعصيان.
نصائح في تربية الطفل بشكل سليم
هناك مجموعة من الأمور التي يجب أن يهتم بها الوالدين قدر الإمكان عند تربية الطفل في سنواته الأولى وهي كالتالي:
• العناية بصحة الطفل, عن طريق توفير الطعام الصحي وعمل متابعة لدى طبيب الأطفال للاطمئنان على تطوره البدني والحرص على فحصه لدى الطبيب وقت الوعكات الصحية.
وإن من أبشع النصائح التربوية التي انتشرت بين أوساط الأمهات هي: “اترك طفلك يبكي حتى لا يعتاد على حضنك” لما تحمله هذ النصيحة القاسية من تبعات ونتائج بعد ذلك. فقد يعتاد الطفل على احتواء نفسه بطريقته وينفصل عاطفياً عن المجتمع العائلي من حوله وهذا يزيد من صعوبة استجابته بعد ذلك. فمصدر الحنان هو مصدر التلقي!
• تخصيص وقت للطفل, يجب ألا تسرقنا الحياة ومتطلباتها المادية والرغبة في تحقيق النجاح والذات عن الاهتمام بفلذات الأكباد. العب مع طفلك واقرأ قصة له واخرج معه في رحلات ترفيهية وشاهد معه أفلام الرسوم المتحركة واجعله يشعر أنه محور اهتماماتك.
• الأطفال يتعلمون أثناء اللعب, اللعب بالنسبة للطفل ليس مجرد وسيلة من وسائل التسلي وافراغ الطاقة, انما هو طريقته المثلى للتعبير عن ذاته وميوله وتطوير مهاراته وباللعب تستطيع تعليم طفلك الكثير والكثير من المعلومات في مختلف المجالات وتدريبه على الكثير من المهارات.
• بث القيم في الطفل, مثل احترام الكبار ومساعدته على التمييز بين الخير والشر, فمثلاً إذا قام الطفل بإيذاء حيوان صغير, فعلينا أن نوجه بلطف إلى ضرورة الرفق بالحيوان.
• تشجيع الطفل على التفاعل مع المجتمع, يتم هذا عبر اصطحاب الطفل إلى التجمعات العائلية والمناسبات وتعليمه مفردات ومهارات التعاون والتواصل مع أقرانه ومجتمعه, وحث الطفل بلطف على تكوين صداقات والتعبير عن نفسه دون قلق.
• حث الطفل على الاعتماد على نفسه, وتنمية روح المسؤولية لديه, إذ يتم ذلك عبر تكليف الطفل بتنظيم ألعابه و احضار كوبه أو حتى تشجيعه على اختيار ملابسه.
• استخدام لغة الحوار, ناقش طفلك واترك له مطلق الحرية في التعبير عن أحلامه ومشاعره احرص على الاصغاء لكل ما يقول ولا تسخر من أحلامه ولا تنتقدها بل وجهه بلطف.
• حب طفلك وتقديره, طفلك هو هبة لك وحدك ونعمة من الخالق, لهذا اهتم بتلك النعمة ولا تبخل بعواطفك. اظهر الحب والاهتمام كلما سنحت لك فرصة وتخير الكلمات الإيجابية الحانية.
• تمالك أعصابك, أعي تماماً أن ملاحظة كتيبة من الجنود والإشراف عليها أسهل بكثير من مجالسة طفلين أو أكثر. لنفسح المجال لرحابة الصدر ونتعود على تحمل تصرفات الصغار المتعبة ونتعامل بحذر مع رغبتهم العارمة في الاكتشاف والتجربة, ونحثهم على الاستكشاف والحركة مع توجيههم لعدم إحداث خسائر كبيرة في البيت.
• الحرص على معرفة الطرق الحديثة في التربية, لا تبخل على طفلك وثقف نفسك واقرأ عن كيفية تربيته واسأل الخبراء إن احتجت للمشورة. اليوم إذا أرادت الأسرة شراء ثلاجة فإنها تبحث وتدقق في أكثر من موقع عن المزايا والضمانات والعيوب وأرخص المحلات وتبحث عن العروض، فما بالكم بتجهيز عضو سوي قادر على إحداث فرق في مجتمعه.
• القدوة الحسنة, طفلك يضعك تحت المجهر ويرى فيك بطله الخارق ويحاول تقليد كل ما تقوم به. فاحرص على أن تكون بطلاً صالحاً أمامه وكن مصدر فخر له.
• اعتمد على الطلب الإيجابي قل لطفلك.
مثال حي على ذلك:
– “أعلم بأنك ستضع الكوب في مكانه” أو ما شابه ذلك, ولا تقل له “لا تسكب الكوب على الأرض” أو ما شابه ذلك من صيغ الكلام التي تذكر بالخطأ بدلاً من الصواب.
– “أحب أن أراك تعتني بدميتك” أو ما شابه ذلك, بدلاً من “لا تكسر ألعابك” أو ما شابه ذلك.
– “من يعتني بألعابه يستحق المزيد منها” أو ما شابه ذلك بدلاً من قول “لقد تعبت كثيراً لأجمع لكم ثمن الألعاب” أو ما شابه ذلك من صيغ الكلام التي تكسر قلوب الأطفال, وتجعل الطفل يشعر أنه قد جلب المعاناة لأبيه فيكره ألعابه ويمعن في كسرها.
• تجنب إهانة طفلك, فإن اعتياد الطفل على المهانة وهو في الخمس السنوات الأولى, سيجعله يتعود عليها ويسلم لفكرة استحقاقه للإهانة والتحقير وتترسخ لديه هذه الفكرة, ليس هذا فحسب بل سيتقبلها ويتوقعها من الآخرين.
ختاماً, تربية الطفل في سنواته الأولى تحتاج وعياً كاملاً بأهمية تلك المرحلة التي تتشكل فيها خلايا الطفل العصبية. ويحب أن تتم معاملة الطفل باهتمام وأن تمنح الأسرة الطفل حباً غير مشروط. ومن المفيد وضع قواعد بسيطة واستخدام الطلب الإيجابي في التعامل مع الطفل. انصت لطفلك وشجعه لكي يعبر عن نفسه دون قلق أو خوف واغرس فيه القيم الإيجابية وكن قدوة حسنة له.
دمتم بكل ود…
تستطيع أن تقرأ ايضاً:
خيال الطفل ودوره في تنمية ذكاء الاطفال – منصة حلا 2024
الذكاء الاجتماعي وتنميته عند الطفل – منصة حلا
أخي المربي/ة, تستطيع أن تنظم إلى مجموعة حلا للمعلمين والتربويين على فيس بوك عن طريق النقر هنا