حكاية الغراب المتمرد والبوم الحكيم
كانت مجموعة من الغربان تعيش إحدى البساتين، لها أعشاش على الأشجار العالية وكأنها مملكة سوداء لا يسمح لأي عصفور ملون الاقتراب منها.
وكانت العصافير الملونة تعيش على اغصان شجر الليمون، والرمان .
وقف غرابان ينظران إلى الوان العصافير. كان أحدهم يدعى ساري والآخر مسرور
فقال مسرور :
“افكر في صبغ ريشي بألوان تشبه الوان العصافير فهي تبدو جميلة وجذابة “
زمجر صديقه المتشدد ولم يعجبه حديث صاحبه المتشوق إلى التجديد فقال له :
“اتريد قبيلتنا أن تعيبك وتشك في عقلك؟ “
فتعجب الغراب مسرور من رد صاحبه وامتلأ عقله الصغير بالتساؤلات !!
حكاية الغراب المتمرد مع صاحبه ساري
تسائل الغراب مسرور بحيرة :
“هل الوان العصافير تؤذيكم؟ “
ساري يرد بثقة :
“لا طبعاً، ما الذي يجعلنا نتأذى من الوانها! “
فسأل مسرور :
“هل صبغ ريشي بالألوان يغير في حياتكم شيئا! “
أجاب ساري ساخرا من صاحبه :
“لا، لكنك ستصبح غرابا منبوذا مجهولا لا تنتمي إلى العصافير ولا إلى قبيلة الغربان “
فقال مسرور محاولا إيصال وجهة نظره لصاحبه :
“لماذا انبذ ,هل ستغير الألوان قلبي!
هل ستغير الألوان صوتي!
هل ستغير الألوان حجمي أو نوعي؟ “
قال ساري متعصبا لرأيه متحيزا لعرف قبيلته :
“ستغير الألوان وقارك ، وستجلب لك العار بين قبيلتك ،حتما أنت تمزح يا هذا “
فكر مسرور قليلاً كأنه يبحث عن طريقة يشرح بها وجهة نظره , لم تكن براهين صاحبه ساري كافية لإقناعه فقرر هو إقناع صاحبه بالبرهان والدليل فقال انتظر قليلاً ..
طار مسرور حتى اتى طاووسا وأخبره أنه يريد صبغ ريشه بجميع الألوان..
ضحك الطاووس بغرور وأجاب على مسرور المتمرد :
“لو قرر أحد منا أن يصبغ ريشه بالأسود لنبذناه وأخرجناه من قبيلتنا وظننا أنه غرابا ولن يتعامل معه أحد! “
فأصر مسرور على رأيه وأخذ يتوسل للطاووس منحه قليلا من الريش الملون فما كان من الطاووس إلا أن أعطاه بعض من ريشه الملونة..
ثبت الغراب الريش الملونة على جناحيه وحلق حتى اتى قبيلته ففر منه جميع الغربان واعتبروه طائرا غريبا مندسا بغيضا.
وقف مسرور ينعق بأعلى صوته :
” أنا مسرور أنا صاحبكم مسرور”
لم يصدقه أحد وهرب منه الجميع مذعورا !!
وظل مسرور وحيدا على غصن الشجرة، لا يريد التنازل عن فكرته ولا الغربان تستطيع تقبله أو الاقتراب منه.
حكاية الغراب المتمرد مع قبيلة الطيور المتحولة
وبعد مرور أياما من الوحدة طار مسرور بعيدا عن قبيلته حتى وجد قبيلة من الطيور لا يعرف احدهم نوع الآخر فالعصفور بريش غراب والحمامة بريش دجاجة والديك بريش بطة وكلا منهم قد شابه شيء من التحول يتعايشون معا في ذلك البستان الجميل بعيدا عن قبائلهم.
اقترب مسرور سعيدا مبهورا بجمال بستانهم وبالحرية التي يعيشون فيها , يريد الحياة معهم لكنه تفاجئ أن الحياة معهم كان لها شروطا معلقة على جذع إحدى الأشجار الضخمة وهي :
أن يتبرأ اللاجئ تماما من عشيرته وقبيلته
أن يحدث الجميع عن تجربته مع قبيلته
أن ينشر جميع اسرار قبيلته ويخونهم
أن يعلن ولائه للمجتمع الجديد واحترامه لهم
و أن عقوبة الذي سيتراجع بعد منحه الثقة هو نتف ريشه كاملا
حكاية الغراب المتمرد مع البوم الحكيم
فكر الغراب قليلا فشروطهم صعبة وهو يحب عشيرته وقبيلته لكنه يريد فقط تجربة الحياة بشكل مختلف .
جاء الليل و مسرور على تلك الشجرة لم يحسم قراره بعد، حط جواره بوم حكيم على نفس الغصن وسأله عن سبب حيرته تلك فقال له مسرور :
“لقد نبذت من قبيلتي بسبب رغبتي في صبغ ريشي بالألوان السبعة الجميلة والان اريد أن انظم لمجتمع المتحولين لكن شروطهم قاسية جدا “
فقال له البوم مقولة لم ينساها ما تبقى من حياته :
“من لم يرضى بما قسم الخلاق له سلط الخالق عليه مخلوقاً ظالم يجبره على مالا يرضيه ,حتى يرى قسمة الله هي الأزكى و الأعدل فيعود “
عودة الغراب المتمرد إلى قبيلته
وبعد أن انتهى البوم الحكيم من حديثه بدأ مسرور و بسرعة ينزع ريشه الملون وطار بعيدا باتجاه قبيلته.
رآه صاحبه ساري من بعيد وعرفه وفرح به كثيراً وفرحت بعودته اسرته وجميع قبيلة الغربان. حينها شعر مسرور بقيمة المجتمع والانتماء وادرك أن بعض الضوابط لا ينفع الخروج عنها.
تأليف القاصة اليمنية / زبيدة شعب
_____________________________________
حلا لقصص الأطفال – الهدف التربوي من حكاية الغراب المتمرد والبوم الحكيم
” الانسلاخ من الهوية والنوع ليس تطورا “
” استخدم الحكمة والموعظة الحسنة في نصحك”
” ناقش الاخرين بالأدب والاحترام والبرهان “
” رحب بالتائب العائد كما ترحب بالحبيب الغائب”
اقرأ أيضا قصة الطالب مهند مع عصابته
تابعنا على قناتنا على التليجرام