قصة النملة الذكية نينا
في إحدى الغابات الكثيفة، عاشت مجموعة من النمل، في مستعمرة مزدهرة بين أشجار الغابة الخضراء.
بيوتهم المبنية من الطين والقش، تعكس تنظيماً ودقة في بنائها والتي تمت بعناية ودقة كبيرتين.
كانت هذه المستعمرة مزدحمة بالنمل، ومليئة بالنشاط والحيوية.
ومع مرور الزمن، زادت أعداد النمل في المستعمرة، وأصبحت البيوت القديمة ضيقة على الجميع.
اجتمع كبار النمل ليجدوا حلاً لاستيعاب أعداد النمل المتزايدة، فتحدث فيهم أحد النمل:
“ماذا علينا أن نفعل؟ لم يعد المكان يسعنا جميعاً، ينبغي على البعض منا الرحيل”.
لم يعجب هذا الكلام أغلبية الحاضرين وبدأوا بالتعبير عن استيائهم وعلت أصوات الحاضرين.
فقام واحد من كبار النمل وأشار إليهم لكي يصمتوا فسكت الجميع فنظر إلى جموع النمل الموجودين في المكان وقال:
“لا…. لا ينبغي لأي أحد منكم الرحيل لو تفرقنا ستضعف مستعمرتنا، إن قوتنا في البقاء مع بعضنا البعض”.
فردد جموع النمل بصوت واحد:
“وما الحل إذاً؟”.
فأجاب كبير النمل:
“سنبني بيوتاً جديدة، لتكفينا جميعاً، طوال حياتنا ونحن نكره الكسل ونعمل بجد، ونستطيع أن نبني معاً الكثير من البيوت لكي تكفي الأجيال القادمة ايضاً”.
صفق جموع النمل مرحبين بما يقوله كبير النمل، الذي واصل كلامه قائلاً:
“يجب علينا البدء الآن، سيحل الشتاء قريباً ليس أمامنا الكثير من الوقت!”
فقرر النمل العمل بنشاط كبير وأن يبنوا بيوت أضافية لكي تستوعب أعداد النمل المتزايدة في المستعمرة.
كانوا منهمكين في البناء بكل سعادة يعملون طوال اليوم بدون كلل أو ملل، يساعد أحدهم الآخر لكي ينتهوا من بناء البيوت قبل حلول الشتاء.
قصة النملة نينا والعاصفة
لكن في ليلة حلت عاصفة شديدة، اجتاحت الرياح القوية المنطقة، فحل الضجيج في صفوف النمل، وفرقتهم الرياح القوية عن بعضهم البعض، وعلت أصوات الرعب فيهم، ولم تهدأ
العاصفة طوال الليل مما أدى إلى تدمير معظم بيوت النمل، و دمرت المستعمرة.
بعد العاصفة، تجمع النمل من جديد، لكنهم وجدوا أنفسهم بلا مأوى، ولا سكن ولا طعام، وبدأ الإحباط واليأس والتعب بادياً عليهم.
لقد كانوا في حاجة ماسة إلى بناء مساكن جديدة بدلاً من بيوتهم التي ذهبت أدراج الرياح.
عندما أصبح الفجر يلوح في الأفق، بدأ النمل في التجمع حول الحطام، يبحثون عن طريقة للخروج من هذه الكارثة.
فوقف زعيم القرية وقال:
“من منكم مستعد للقيام برحلة البحث عن قرية جديدة؟”
كان الأمل الوحيد لهم هو بناء بيوت جديدة. قررت مجموعة من النمل النشيطين والطموحين، أن يبدأوا رحلة للبحث عن موقع مناسب للبناء.
وفي هذا الوقت العصيب، اتجهت أنظارهم إلى النملة الذكية التي تُدعى نينا. النملة الذكية نينا خبيرة في البناء، أخذت على عاتقها قيادتهم في هذه الرحلة.
كانت نينا تمتلك خبرة ومعرفة واسعة في بناء بيوت النمل، وسبق لها أن ساعدتهم في البناء قبل حلول العاصفة، وتعرف بالضبط كيفية اختيار الموقع المثالي واستخدام الموارد المتاحة
بشكل فعال.
عندما رأت فيهم الضعف والانكسار، قامت النملة نينا بتوجيههم وتشجيعهم للعودة إلى العمل بروح مرحة وإيجابية، وقالت لأصدقائها النمل:
“أيها الأصدقاء نحن هنا معاً في هذه الرحلة منذ البداية، وعلى الرغم من التحديات التي نواجها في الوقت الحاضر، إلا أننا سنتغلب عليها بالتعاون والإصرار”.
وواصلت كلامها قائلة:
“لقد بنينا مساكن قوية في الماضي، وسنبني مساكن أقوى اليوم, دعونا نجمع جميع طاقاتنا ونعمل معاً بجد، ونتحمل مسؤولياتنا بفخر، بتعاوننا معاً
يمكننا تحقيق أي شيء مهما بلغت صعوبته، وإن بدى في بادئ الأمر مستحيلاً، لا تفقدوا الأمل لأن النجاح ينتظرنا عند نهاية هذا العمل الشاق”.
نينا كانت من النمل الذين يتميزون بالحكمة والذكاء، وكانت دائماً تُعتبر مرجعاً للمستشارين في مجتمع النمل. بمجرد أن شاهدت
حالة الفوضى واليأس التي أصابت زملاءها، قررت نينا أن تتحمل المسؤولية وتقودهم في رحلة لبناء مساكن جديدة.
بعد القاءها كلمة ملهمة للنمل، بدأ النمل في رحلتهم، يتقدمون عبر الغابة بحثاً عن مكان مناسب.
قصة النملة نينا والحياة في أرض النعيم
وبعد يومين من المشي، وجدوا موقعاً مثالياً على حافة الغابة، حيث كانت التضاريس مناسبة والتربة غنية بالموارد التي يحتاجونها لبناء بيوت لهم.
كان الجو مثالياً والخضرة تكسوا الأرض وكأنها ديباجة من السندس الأخضر.
اقتربت إحدى النمل من نينا وسألتها:
“ألا تجدين أنه من الغريب أن كل هذا الجمال الطبيعي الخلاب ليس فيه أي ثغور للنمل؟”
كانت الطبيعة الساحرة و أزيز النحل الذي يدوي المكان بالإضافة إلى بريق قطرات الندى على ورق الشجر قد سحروا عقل نينا.
فأجابت بسعادة:
“كأنها كتبت لنا لنحيا فيها سعداء”
لم تكن النملة مقتنعة تماماً لكن جمال الطبيعة لم يترك لأحد فرصة التفكير.
بدأت نينا بتوجيههم وتنظيم العمل. قادتهم إلى مواقع جديدة تحت أشجار الغابة، حيث كانت الأرض مستوية وخصبة ومناسبة للبناء.
بدأ النمل في جمع الموارد اللازمة للبناء بينما ذهبت إحدى النملات لتقود القرية إلى المكان الذي تم اختياره مع نينا
التي كانت واضحة الرؤية في أمور البناء والتخطيط الهندسي.
عمل النمل بجدّ ونشاط، حيث قاموا بحفر الأرض وتجميع المواد الطبيعية مثل الأوراق والقش والأغصان لبناء هياكلهم.
وكانت نينا توجههم بحكمة وتوزع المهام بشكل منظم لضمان سرعة البناء وضمان جودة البيوت.
كانوا يعملون بتنسيق مثالي، حيث يساعد بعضهم البعض في حمل المواد وترتيبها بمهارة.
عمل النمل لساعات طويلة كل يوم، وعلى الرغم من التحديات التي واجهوها مثل الأمطار الغزيرة والعوائق الطبيعية، إلا أنهم استمروا في بناء مساكنهم بإصرار وعزيمة.
كانت نينا تنظر إلى كل تفاصيل العمل وتحرص على أن تكون البيوت قوية ومتينة لمواجهة أي عوامل طبيعية قد تهددها.
صممت نينا هندسة البيوت بطريقة تسهل عملية التهوية والحماية والتنقل داخل المستعمرة، من خلال
وجود مداخل محددة وممرات تربط بين أجزاء المستعمرة، لتوفر وسيلة للنمل للتنقل بين الآماكن بسهولة، ولحماية البيوت من الغزاة الذين يريدون تخريب المستعمرة.
بالإضافة لوجود غرف داخلية متعددة تستخدم لتخزين الطعام في فصل الشتاء ولرعاية البيوض.
عملوا بجد واجتهاد لعدة أيام، حتى استطاعوا إنشاء بيوت جديدة تماماً، أفضل من تلك التي دمرتها العاصفة.
وبعد أسابيع من العمل الشاق، تمكن النمل من بناء مستعمرة جديدة رائعة، تتميز ببيوت قوية وآمنة تماماً كما كانت القديمة.
وتمكنوا من تأمينها بشكل جيد لتكون مأوى آمناً لهم ولأجيالهم القادمة.
وبينما كان النمل يحيى باستقرار وأمان ينعم في تلك الجنة بحياة رغدة، شعروا فجأة بالأرض تهتز وبقوة.
لم تدرك النمل سبب اهتزاز الأرض بذلك الشكل المرعب لكنهم خرجوا جميعاً من المساكن خوفاً من سقوطها على رؤوسهم.
ولما خرج الجميع من المساكن الصغيرة، تفاجئ الجميع بحيوان ضخم جداً يقوم بشفط النمل بنهم وجوع!
بل أنه كان لا يبحث إلا على النمل الصغير الضعيف ليشبع به بطنه الضخمة!
قصة النمل في مملكة النمل الأبيض
هربت قبيلة النمل في ذعر وخوف وقد داس شفاط النمل من داس وأكل من أكل حتى وصلوا أطراف خارج الغابة لا يغمرها الماء العذب ولا تغطيها الأعشاب الخضراء.
لكنها على الأقل منطقة آمنة تحتوي على العديد من ثغور النمل الأبيض.
فقال زعيم القرية غاضباً:
“هنا سنبني موطننا الجديد وحيث يأمن النمل نأمن معهم”
كان الحزن يظلل رؤوس النمل بعد تلك الكارثة والخسارة في المال والأهل فنهضت إحدى النمل وكانت تغار من نينا غيرة قوية وقالت بصوت عالٍ:
“هل أنت سعيدة الآن يا نينا بمشورتك الذكية التي دمرت حياتنا وقتلت أهلنا”
فعلى صوت نملة أخرى:
“لقد قلت لها أنه من الغريب أن المكان رغم جماله لا يحتوي على أية ثغور للنمل لكنها أصرت على رأيها”
فرددت جميع النمل بصوت واحد:
“فلتطرد نينا.. فلتطرد نينا”
فصاح الزعيم بعلو صوته:
“فليصمت الجميع!”
ثم اقترب من نينا وقال لها بهدوء وروية:
“لقد دفعنا الثمن غالياً جداً بسبب اختيارك الخاطئ يا نينا…
يبدو أنك لم تتحملي مسؤولية ثقة القرية بك وتصرفك المتهور هذا عرض القرية بأكملها للموت..
عليك الرحيل يا نينا لعلنا ننسى أوجاعنا بالتدريج”
رحلت نينا مع عائلتها في ظل سخط القرية واتجهوا في رحلتهم إلى مكان بعيد بالقرب من مزرعة واسعة وحفروا ثغوراً فيها وعاشوا هناك.
كانت الأيام تمر هادئة هنية في تلك المزرعة حيث الغذاء والماء والهواء النقي.
وكانت نينا تتمنى أن تأتي قبيلتها للحياة معها في هذا المكان المبارك الجميل حيث الغذاء الوفير والأمن.
وحيث القبيلة مقيمة كانت القبيلة تعاني من الندرة في الطعام بالإضافة إلى العنصرية!
فقد تعامل معهم النمل الأبيض هناك على أنهم غزاة مستعمرون ولم يتقبلوا وجودهم بينهم لذلك كانت حياتهم بائسة جداً.
وفي يوم من الأيام بينما نينا تمشي في المزرعة وجدت حبة ذرة كبيرة وتذكرت كم كانت النمل في قريتها السعيدة تحب الذرة.
فعادت واقترحت على عائلتها فكرة قوية قائلة:
“سنحمل العديد من حبوب الذرة ونقوم برصها من المزرعة حتى قرية قبيلتنا فيقوم أهلنا هناك بتتبع الحبوب حتى يصلوا هنا فنعرض عليهم الحياة معنا”
حملت نينا وعائلتها حبوب الذرة وبدأوا برصها حتى منطقة قريبة من أهلهم في مملكة النمل الأبيض ثم عادوا إلى قريتهم وبدأوا ببناء العديد من الثغور الجديدة.
جاءت النملة الغيورة تجري وتبشر النمل بوجود العديد من حبوب الذرة بالقرب من المستعمرة فأمر الزعيم النمل
بالتوجه إلى الحبوب وجلبها لتصبح طعاماً لفصل الشتاء.
اصطف النمل وقاموا بنقل الحبوب في صفوف منتظمة حتى بلغوا الحبة الأخيرة التي كانت بالقرب من مزرعة السنابل.
أذهلهم ما رأوه من مشهد فعادوا وأخبروا زعيمهم بأمر المزرعة وما فيها من خير وفير فنهض سريعاً من مكانه وسأل:
“هل وجدتم أي نمل تعيش هناك؟”
فقالت غيورة بسعادة:
“يوجد عشيرة من نمل يبدو أنهم يشبهوننا كثيراً”
فنادى الزعيم خيرة شباب النمل وقال:
“من منكم يذهب إلى ملكتهم ويطلب منها أن تسمح لنا بالحياة معها في ذات المستعمرة”
فلم يبادر أحد من النمل بالتطوع فالكل يخاف أن يصيبه مصير النملة نينا فعلم الزعيم أن شعور الجبن قد أصاب النمل فقال:
“حسناً سأذهب أنا”
شد الزعيم مع مجموعة من حرسه الرحال باتجاه المزرعة ولما وصل, طلب من النمل مقابلة الملكة.
ولما دخل قصر الملكة تفاجئ أنها تشبه نينا إلى حدٍ كبير.
فقالت له الملكة:
“أهلا بك من زائر عزيز كريم”
فتردد قليلاً ثم بدأ يحكي لها قصتهم وقال لها:
“هلا سمحت لمعشر النمل في قبيلتي الحياة معكم فقد أنهكم الجوع والرفض من النمل الأبيض”
اقتربت منه وسألته:
“وماذا عن النملة نينا؟ أشترط عليكم أن تكونوا كاملين فكيف أشعر بالأمن مع قبيلة لا تطيق ولا تسامح بعضها؟”
فبكى كثيراً ثم قال:
“لقد كانت نينا الأذكى في قبيلتنا، وقد خسرنا كثيراً بعد فراقها، وأتمنى لو أراها من جديد
لاعتذر لها وأطلب منها الحياة معنا لكنها ابتعدت كثيراً ولا ندري حقاً أين ذهبت”
اقتربت نينا منه وقد شعرت بالحنين لأهلها وبالشفقة تجاه ما أصابهم من فقر وشتات وغربة وقالت له:
“أنا نينا…أهلا بك من كبير ومن زعيم في قريتك.. حللت أهلا ونزلت سهلاً”
فرح الزعيم فرحاً كبيراً وبكى من معه من السعادة وانطلق الجنود ليحضروا باقي قبيلتهم إلى المزرعة فقالت النملة الغيورة:
“كنت أعلم أن نينا خدعتنا لتصبح ملكة علينا”
فرد عليها جميع النمل:
“اسكتي فقد فرقتنا بغيرتك ودمرتِ وحدتنا وإلا طردناك”
فسكتت ورحل الجميع إلى مزرعة السعادة وبدأوا ببناء حصون وثغور قوية وبعد نجاح العمل، قالت النملة الذكية نينا لأصدقائها النمل بكل فخر وسعادة:
“انا فخورة جداً بكم جميعاً! بفضل جهودنا المشتركة وتعاوننا، تمكنا من بناء مستعمرة جديدة رائعة وآمنة..
لقد أظهرنا للعالم بأسره قوة التحدي والاصرار التي يمتلكها النمل، لقد أثبتنا أننا قادرون على تحقيق أي عمل شاق عندما نعمل معاً بقوة وإرادة،
لنحتفل الآن بنجاحنا ولنواصل العمل معاً لبناء مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة”.
قصة النملة نينا مع النجاح
أقامت المملكة حفلاً صغيراً في ساحة مستعمرتهم الجديدة، وكانت الفرحة تعم المكان والجميع يتبادل الضحكات حين يتذكرون اليأس
الذي أصابهم والصعاب التي واجهوها، وكانوا في غاية السعادة بالنجاح الذي حققوه.
كانت الأجواء مليئة بالبهجة والسرور، وسادت أجواء التفاؤل والسعادة بين النمل.
وفي نهاية الاحتفال، شكروا النملة الذكية نينا التي تحملت مسؤولية هذا العمل الشاق وقامت بتوجيههم بالطريقة الصحيحة.
وطلبت منهم أن يتعاهدوا لمواصلة التعاون للمحافظة على مستعمرتهم وحمايتها.
عندما حل صباح اليوم الاخر، أحضر النمل المواد الضرورية للعيش، وبدأوا يستعيدون حياتهم الطبيعية تحت ظلال مستعمرتهم الجديدة.
وبدأوا الجهد الدؤوب في البحث عن الطعام وتخزينه قبل حلول موسم الشتاء.
ومع كل جهد مبذول، شعر النمل بالفخر والراحة لأنهم نجحوا في بناء مستقبلهم بشجاعة وتضحية، وكانت نينا بمثابة القائدة الحكيمة التي جعلت كل ذلك ممكناً.
وهكذا، بفضل العمل الجماعي وذكاء النملة نينا، استطاع النمل البناء من جديد وتجاوز محنتهم بنجاح، مما يظهر لنا قوة التعاون والعزيمة في تحقيق الأهداف.
نتعلم من هذه القصة أن الحياة فيها الكثير من التحديات فيجب ألا يصيبنا اليأس.
كما نتعلم أن التعاون والإرادة تجعل من المستحيل ممكناً.
زائر منصة حلا الكريم, تستطيع أيضاً قراءة القصص الرائعة في متجرنا الجميل:
انقر هنا لتقرأ قصة غول الجبل والخادم نجم
انقر هنا لتقرأ قصة مهرجان الآيس كريم
قصة النملة نينا من قصص اطفال التي تشبه قصة النملة وحبة القمح لكن قصة النملة نينا قصة النمل تحتوي مبدا عدم القاء الاحكام على شخص من غلطة واحدة