قصة بطلان في عمر الزهور قصص أطفال في عهد الرسول
قصة بطلان في عمر الزهور, الشجاعة والإقدام صفتين لا يتصف بهما سوى الأبطال الأقوياء، وقد تحلى بالشجاعة والإقدام عدد كبير جداً من الأطفال، وليس معنى الشجاعة والإقدام أن نضرب زملاءنا في الصف أو نتنمر عليهم أو نلحق الأذى بمن هم أصغر منا أو نضرب الحيوانات بحجة أننا لا نخاف منهم, ليس هذا من الشجاعة في شيء، وليس من الإقدام والبطولة أن نثير الفوضى والجلبة و نخرب المقاعد وأماكن الدرس فهذا السلوك لا يمت للشجاعة والإقدام بصلة.
الشجاعة تكون بمناصرة الحق ومساندته والوقوف في وجه الباطل ومحاولة رد الظلم ونصر المظلوم. واليوم سأقص عليكم قصة بطلين صغيرين اتصفا بالشجاعة والإقدام فاستحقا أن يخلدهما التاريخ بحروف من نور، هما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء. كانا يحومان حول السادسة عشر من عمريهما عندما وقعت أحداث هذه القصة الخالدة في كتب التاريخ إلى اليوم, قصة طفلان بطلان في عهد الرسول.
قصة بطلان في عمر الزهور و الوضع العام في المدينة المنورة
كانت المدينة المنورة تسمى يثرب قبل هجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إليها, وكانت موطن للحمى والأمراض و كان يشتد التنافر والتناحر بين ساكنيها بسبب العصبية الجاهلية, إلى أن شرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إليها واتخذها موطناً ثانياً له بعد مكة المكرمة.
ومنذ دخل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يثرب, أضاءت نوراً و ذهبت الأمراض إلى غير رجعة وعم السلام والسكينة وفرح الأنصار بالدين الحق الذي يساوي بين السادة والعبيد، ويعلن أن الجميع إخوة متحابين يربطهم رابط الدين, أقوى الروابط بل ويفوق على رابط الدم والقرابة.
واعتبر الأنصار المهاجرين إخوتهم بعد مؤاخاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لهم فصار الجميع نسيج واحد والكل يسعى إلى نشر وإعلاء دين الله والامتثال لتعاليمه و اتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصة بطلان في عمر الزهور وعداء لا يتوقف من قريش
كل هذا وقريش في كبد, يدفعها الغيظ ويحركها الحسد لأنها لم تقتل النبي ولم تطفئ شرارة هذا الدين الذي يتهافت الناس على الدخول فيه. لهذا ناصبوا النبي العداء و أمعنوا في كرههم و سبهم للإسلام وللنبي الكريم، ولم يكتفوا أبداً بما تحصلوا عليه من مصادرة بيوت وأموال المهاجرين، بل استغلوا موسم الحج ليقوموا بسب النبي الكريم ويشيعوا عنه ما لا يليق من أجل صد الناس عنه.
قصة معاذ بن عمرو بن الجموح و معوذ بن عفراء مع (أبا جهل)
كان على رأس هذه الحملة المغرضة عدو الله عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر المخزومي الشهير بأبي جهل. الذي دفعه سواد قلبه لسب النبي مراراً وتكراراً، حسداً وكرهاً أن تكون النبوة في بني هاشم فيرتفع شأنهم دون بني مخزوم.
معاذ بن عمرو بن الجموح و أخاه, أطفال في مواجهة حاقد يريد قتل النبي!
إذ حاول أبو جهل قتل النبي في أحد الأيام, حين أن كان يسكن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مكة قبل هجرته إلى يثرب قال أبو جهل لقومه:
” يا معشر قريش إن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غداً بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته ضربت به رأسه”.
فلما سجد رسول الله احتمل أبو جهل الحجر، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع بسرعة منهزماً. منتقعاً لونه مرعوباً وكأنه فأر مبتل.
ليس هذا فحسب بل إن يداه قد يبست من الخوف على حجره واستمر فترة على هذا الوضع كأنه تمثال حجري ثم قذف الحجر من يده. فقامت إليه رجال قريش متعجبين من أمره في ذهول من ارتداده كالدجاجة الخائفة من الذبح ثم سألوه:
“ما لك يا أبا الحكم؟”
فأجاب الجاهل بأطرافٍ زرقاء زرقة الإجرامِ مرتعداً من خوفٍ قد أحكم قبضته على قلبهِ كما أحكم الجهلُ قبضته على عقلهِ:
“قمت إليهِ لأفعلَ بهِ ما قلتُ لكم البارحة، فلما دنوتُ منهُ عرض لي دونهُ فحلٌ من الإبلِ، لا والله ما رأيتُ مثل هامتهِ ولا مثلُ قصرتهِ ولا أنيابهِ فحل قط، فهمَ بي أن يأكلني”.
فضحك القوم منه ومن بلاهته اعتقاداً منهم أنه كذاب وأن ما كان به ما كان مجرد جبن جبان قد ألم به. لكن العداوة أخرجته من ملة العقلاء فعلاً, فأخذ يسلك سلوك الجهال لهذا اشتهر (بأبو جهل).
ولم يكتف بالسب المتواصل للرسول والإسلام بل رصد مكافأة لمن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
“يا معشر قريش! إن محمداً قد شتم آلهتكم وسفه أحلامكم وزعم أن من مضي من آبائكم يتهافتون في النار، ألا! ومن قتل محمداً فله علي مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من الفضة”.
لم تكن تصرفاته العدائية مجرد زوبعة في فنجان, فأبا جهل كان من سادة قريش المؤثرين جداً وقد أحزنت رعانته تلك المسلمين قبل الهجرة وبعدها وسببت لهم المزيد من عداء أهل مكة وكان لا بد من تأديبه وإيقافه عند حده, فعدو الله قد شد العزم لمحاربة نبيه وكان حقاً على المؤمنين تلقينه درساً واسكات لسانه إلى الأبد. إذ أن الرجل كان له تاريخ أسود حافل بالسب والأذى لرسول الله و أضاف على ذلك إصراره على قتل النبي.
فلما كانت غزوة بدر الكبرى كان نبي الله الطاهر هدفاً للجاهل الأرعن, وكان أبو جهل هدفاً لجميع المؤمنين, فالكل يريد أن يقتل عدو الله الذي شمر ذراعيه لقتل رسوله، ليس كبار المجاهدين الأبطال فحسب وإنما الصغار أيضاً.
ولم تكن المعركة سهلة ولا هينة نظراً لتفوق المشركين في العدد والعدة لكن نور الله وتثبيته جعل المسلمين كالأسود الأشاوس لا يهابون الموت، لأنهم يعلمون أن النتيجة إما النصر وهزيمة أعداء الإسلام وإما الشهادة وجنة عرضها السموات والأرض وحياة أبدية إذ أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
معوذ بن عفراء وأخاه بطلان في معركة حامية الوطيس!
وفي خضم المعركة و تحت ظلال السيوف وبعد التحام الفريقين، كان فرسان قريش وعلى رأسهم عكرمة ابن أبا جهل يحاولون جاهدين أن يتجمعوا حول أبا جهل لحمايته، وذلك لأن أبا جهل من كبار السادات وصاحب رأي ومشورة، حتى أنهم شكلوا حوله حلقة أشبه بالشجرة.
وبينما الحرب على أشدها إذ تقدم صبي صغير من سيدنا عبد الرحمن بن عوف وسأله:
” يا عم! أتعرف أبا جهل؟”
فأجاب عليه سيدنا عبدالرحمن متعجباً:
” وما حاجتك؟”
فأجاب الصبي الصغير الذي يعرف قدر نبيه الكريم ويغار عليه ويرفض أن يمسه أي مغرض ولو حتى بكلمة:
“أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده إن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا”.
حينها تعجب سيدنا عبدالرحمن بن عوف من إصرار وعزيمة الصبي الصغير وحرصه على الذود عن رسول الله وجهاد من كفر برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل يصلصل سيفه لقتله.
لكن العجيب أنه فور انصرافه أتى صغير آخر كان يلازمه فسأل عبد الرحمن ابن عوف ذات السؤال الأول.
(ولم يكن وقتها يوجد وسائل تواصل ولا صور، إذ لا يمكن التعرف على الأشخاص بتلك السهولة كما في وقتنا هذا).
قصة بطلان في عمر الزهور و التعرف على أبي جهل!
أخذ سيدنا عبد الرحمن بن عوف يتتبع القوم إلى أن رأى عدو الله أبو جهل يصول ويجول فقال للصبيين:
” ألا تريان؟ هذا صاحبكما”.
فأسرع الاثنان نحوه فابتداره بسيفيهما وأحيط الطاغي المغرور الذي جاء لقتل النبي بطفلين بطلين لا يهابا الموت ولا ترتعد أطرافهم من نقع الخيول في رحى المعركة الطاحنة…حتى قتلاه شر قتلة!
انطلق معاذ بن عمرو بن الجموح كالأسد الضاري وضربه بسيفه فقطع ساقه فهبط عكرمة ابن أبي جهل لمعاذ بن عمرو بسيفه, وضربه على عاتقه فتسبب في كسر يده إلا أن الألم لم يمنعه من الاستبسال فداً لرسول الله ولا الجرح والإصابة حالوا بينه وبين هدفه, بل استمر في القتال وكأن شيئاً لم يكن.
أما معوذ بن عفراء فأكمل المهمة واثخن أبا جهل ضرباً بسيفه، ومن شدة فرحمها تسابقا نحو رسول الله ليعلماه أنه ربى أبطالاً لا يخشون في دين الله لومة لائم وأنهما أسوداً ضمن جيشه ماضون على العهد حباً في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكل واحد منهما يزف البشرى ويتفاخر ويقول:
” أنا قتلته”.
فسألهما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
” هل مسحتما سيفيكما؟”
فأجابا: ” لا”
فنظر في السيفين فإذا بهما آثار الدماء، ففرح وقال:
” كلاكما قتله”.
وبينما كان المتكبر أبا جهل يحتضر في سكرات الموت, رآه مسلمٌ طاعنٌ في السنِ ضعيف البنية يدعى عبد الله بن مسعود الهذلي.. لا يستطيع حمل السيف إلا بشق الأنفس. فرفع سيفهُ وضرب عنقه بضربةً أنهت قصة جبروته وحسده وتكبره إلى الأبد وشاء الله أن تنتهي قصة الطاغية المتكبر أبا جهل على يد أضعف خلقه!
وكان لهذه البطولة المبكرة أبلغ الأثر في نفوس من حضر غزوة بدر حتى أن سيدنا عبد الرحمن بن عوف قال:
” تمنيت أن أكون بين أضلع منهما”.
قصة بطلان في عمر الزهور و تطلع نحو مجد قديم
كيف كان صدق النية وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف كانت شجاعة الصبيان في مهد الإسلام. إن الشجاعة والإقدام و حب دين الله بصدق و الرغبة في التضحية كانت الهدف الأول لكل المسلمين صغاراً وكباراً.
لهذا السبب ارتفع شأن الإسلام وقتها وساد نوره وغطى الكون، ونتيجة لذلك انتشر في مشارق الأرض ومغاربها.
وقامت حضارة مبدأها الحق والعدل والتسامح وعلمت الإنسانية كلها أرفع القيم الإنسانية حتى أن الناس كانت تدخل طواعية بفرح في دين الإسلام لما رأوه من أخلاق المسلمين.
انقر هنا القصة متوفرة في المتجر بصيغة PDF
تأليف/ أسماء خشبة
الأنصار / هم قبائل الأوس والخزرج ذات الأصول اليمنية والتي كانت تقطن المدينة وكان بين القبيلتين تناحر وقتال شديد قبل الإسلام.
المهاجرين/ هم من هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة هرباً من بطش الكفار والمشركين.
المصادر/ موقع إسلام ويب – موقع إسلام أون لاين.
منصة حلا لقصص الأطفال تنصحكم بقراءة القصص الآتية:
قصص الصحابة – اطفال في عهد النبي – قصة أطفال 15سنة
انقر هنا لقراءة قصة محمد المحب للصلاة