قصة رحلة يونس الموهوب – قصص قصيرة للمراهقين – منصة حلا
قصة رحلة يونس الموهوب
عاش صبي يُدعى يونس. مع عائلته الصغيرة في منزل متواضع، مع أبيه محمد وأمه سارة وأخته الكبرى لارا، كانت عائلته تحبه بشدة وتدعمه في كل مراحل حياته.
رباه والداه على التعبير عن نفسه من خلال الفن والإبداع. حيث كانا يؤمنان بأن لكل شخص قدرات خاصة يجب تنميتها وتطويرها.
بينما كانت حياته العائلية مليئة بالمحبة، كانت بعض المواد الدراسية تشكل تحدياً بالنسبة إليه.
كان يونس ذكياً جداً، ولكنه واجه صعوبات في الدراسة. كان يجد الرياضيات واللغة العربية مُعقدة، ولم يتمكن دائماً من متابعة دروسه بسهولة.
وبسبب ذلك، كان يشعر بالإحباط والحزن.
ذات يوم, اقتربت منه أخته الكبرى لارا، التي كانت تحبه وتسعى دائماً لرؤية الابتسامة على وجه اخيها الصغير.
وتقدم له المساعدة في مهامه اليومية وتشجعه في كل ما يقوم به.
لاحظت اخته على ملامحه الحزن فسألته مستغربة:
“ما بك يا يونس؟ هل انت بخير؟”
لم ييكن يونس على ما يرام, نظر إلى أخته وأجاب متنهداً:
“اخشى أني لن أستطيع النجاح هذا العام.”
على صوت لارا رفضاً لما سمعته من أخيها:
“لكن، لماذا؟”
اخفض يونس رأسه من الخجل وقال بصوت خافت:
“اللغة العربية والرياضيات صعبة جداً عليَ ولم استطع الحصول على درجة النجاح في هاتين المادتين.”
ثم غابت عيناه كأنما شيء ما في الذاكرة قد خطف تركيزه ولاحت في وجهه غيمة الحزن الدفين.. ظلت لارا تحدق في عينيه بنظرة حنونة كأنها تقرأ خفاياه بلا مشقة, فأدرك أنه لا
مجال من الهروب فباح لها بما يعتصر فؤاده:
“مدرس الرياضيات.. يهينني كثيراً أمام الطلاب ويصفني بالغبي، والآن حتى الطلاب أصبحوا يتنمرون عليَ، صرت أكره الرياضيات ولا أطيق حصتها!”
حزنت لارا حين سمعت منه هذا الكلام ونظرت إليه نظرة حانية وقالت له وهي تمسح على راسه:
“لا تقلق سأجد لك حلاً، سأزور المدرسة وأتحدث مع المدير بخصوص هذا الأمر، كما إني سأساعدك في الدروس التي رسبت بها المهم عندي أن لا تفقد الثقة في نفسك أبداً.”
قصة رحلة يونس الموهوب
وعلى الرغم من صعوبة المواد الدراسية على يونس، إلا أنه كان لديه موهبة خاصة، كان يحب الرسم بشغف.
ويحمل معه قلم رصاص وعلبة ألوان ولوحة صغيرة دائماً في جيبه, يرسم كل ما يراه حوله، بدءاً من الزهور الجميلة في الحديقة إلى السماء الزرقاء الفسيحة.
لكن في المدرسة، لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة ليونس. كان يواجه التنمر من بعض الأطفال بسبب رسوبه في بعض الامتحانات.
كانوا يسخرون منه ويقللون من قدراته استشهاداً وترديداً لتلك الكلمات القاسية التي يلقي بها الاساتذة، مما جعله يشعر بالضيق والعزلة.
كان اصدقاؤه يستخدمون كلمات جارحة وتعليقات مسيئة بسبب ضعف قدراته التعليمية.
لم يتمكن يونس في درس الرياضيات أن يحل المسألة التي طلب المدرس منه حلها، فاستهزأ به المدرس أمام زملائه قائلاً:
“لا فائدة ترجى منك يا دفانشي، أنت متخلف عن زملائك دائماً ولن تستطيع أن تحل هذه المسألة حتى لو أمضيت يوماً كاملاً في التفكير، لا يبدو أنك ستفهم أي شيء.”
فما كان من زملائه إلا أن انفجروا من الضحك عليه. وكذلك في درس اللغة العربية لم يستطع أن يحفظ القصيدة الشعرية جيداً مما جعل المدرس يوبخه بقسوة وبدء زملائه بتجاهله وعدم التحدث معه، وكانوا يطلقون عليه لقب الغبي، والتنمر عليه بشأن قدراته العقلية.
زادت تلك المواقف من وحدته وشعوره بالغربة والاختلاف. كان يونس يحاول محاربة ذلك الشعور بداخله محاولاً اقناع نفسه بأن ما يشعر به مجرد مشاعر
عابرة. لكن المواقف كلها كانت تصب في صميم وجعه.
في أحد الأيام, وقت استراحة الطلاب في ساحة المدرسة, كان اصدقاء يونس يلعبون كرة القدم، فاقترب منهم على أمل أن يلعب معهم:
“هل استطيع أن العب معكم؟ استطيع أن اكون حارس مرمى للفريق.”
ضحك عليه الطلاب وقال أحدهم:
“لا نريد أن تلعب معنا يادفنشي، فأنت تجعلنا نخسر، لم تستطع أن تحل أبسط مسألة في الرياضيات, فكيف تستطيع أن تصد الضربات؟ اذهب من هنا ودعنا نلعب قبل انتهاء الاستراحة.”
تصرفات زملاء يونس معه ترك في نفسه آثاراً سلبية، إذ أنه كان يشعر بعدم القبول والاستياء من البيئة المدرسية، رغم محاولاته الجادة والمستمرة في الدراسة، إلا أنه واجه صعوبات في فهم الموضوعات وحل المسائل كان الرفض يأتي من أعماقه لتلك المواد لكنه لم يكن يفهم ما يشعر به.
قصة رحلة يونس الموهوب
شعر يونس بالإحباط والفشل والحزن من ردة فعل زملائه، مما زاد من عزلته والضغط النفسي الذي كان يواجهه. انعزل يونس في زاوية من زوايا المدرسة وغاب عن حصته الدراسية، وأخرج عدة الألوان من حقيبته دون أن يلاحظه أحد.
بدأ بالرسم على اللوحة الجدارية الخاصة برسومات المدرسة وفي هذه الاثناء وصلت اخته لارا إلى المدرسة ودخلت غرفة المدير وقالت له وهي مستاءة:
“مرحباً، اسمي لارا، أنا اخت يونس يا حضرة المدير.”
“اهلاً بك يا آنسة, بماذا استطيع أن اساعدك؟”
“عند اخي مشكلة في بعض الدروس، ولهذا فان الأساتذة والطلاب يستهزؤن به بدلاً من مساعدته.”
“صحيح، لقد اخبرني الاساتذة عن مستواه في الدروس، والحقيقة أنه ضعيف في مادتين فقط أما بالنسبة لباقي المواد فعلاماته فيها ممتازة.”
بدى الغضب جلياً على وجهها استياءً مما يحدث لأخيها في المدرسة:
“الأساتذة يعتقدون أنه غبي! ويصفونه بألقاب مسيئة لكنه بحاجة إلى بعض المساعدة فقط.”
كان الأستاذ وائل مدرس الرسم موجوداً في غرفة المدير ونهض سريعاً متهلل الوجه:
“اوه، يونس! إنه رسام عبقري أنا متأكد أنه سيصبح فناناً مشهوراً في المستقبل.”
واخذ يعبر عن استحسانه مضيفاً:
“أن يونس يرسم بانتباه شديد ولفتت انتباهي تفاصيل رسوماته الجميلة والمعبرة.”
اتكئ المدير على كرسيه وقال لها بعد أن سمع كلام مدرس الرسم:
“أنا آسف بخصوص كلام الأساتذة وأنا بنفسي سانبههم بعدم إهانة يونس مرة أخرى, لكن، عليك أنت أيضاً أن تعديني أن تبذلي جهداً إضافياً مع يونس لتحسين مستواه الدراسي.”
ارتاحت لارا لكلام المدير وأستاذ الرسم وردت مستبشرةً:
“اعدك يا حضرة المدير أننا كعائلة سنساعده ونبذل قصارى جهدنا حتى يحقق النجاح.”
استأذنت لارا مدير المدرسة لتذهب لرؤية أخيها في فصله ولما خرجت اقترب اخصائي المدرسة من المدير ليعطي رأيه:
“ما قالته الآنسة يدل على علاقة بين سخرية المعلمين وتنمر الطلاب بمستوى الطالب في هاتين المادتين!”
المدير محاولا شرح وجهة نظرة:
“يهملون أولادهم ثم يرمون باللوم على أي شخص عابر في الشارع ليجعلون منه شماعة يعلقون عليها اهمالهم”
معلم الرسم في مداخلة:
“انا متأكد أن يونس حالة استثنائية يا أستاذ, الطالب حاد التركيز في الرسم ودمج الألوان فكيف يخفق في الرياضيات؟”
الأخصائي مؤيداً رأي المعلم وائل:
“نعم استاذ, الطلاب يشعرون بالرفض نفسياً لحصة المعلم الذي يشعرهم بالرفض وخاصة إذا استخدم في ذلك أسلوب السخرية من موهبته وجعله عرضة للتنمر”
قُطِع الحوار بين الثلاثة بدخول لارا وعلامة الخوف ظاهرة على وجهها:
“وائل ليس في صفه يا أستاذ, أين أخي؟”
الأستاذ وائل بسرعة:
” سآتي معك للبحث عنه ربما ذهب إلى مكان ما في المدرسة لا تخافي”
شعر المدير بالارتباك وذهب الثلاثة إلى صف يونس، وعندما سألوا زملائه أكدوا أنه غير موجود في صفه رغم أنه كان موجوداً في الدرس السابق.
قلقت أخته لارا، وبدأ الثلاثة في البحث عنه في ساحة المدرسة.
وبينما كان يونس يعمل على إضافة اللمسات الأخيرة على اللوحة الجدارية للمدرسة، تفاجأ بوصول المدير ومدرس الرسم الاستاذ وائل واخته لارا!
وعلى الرغم من خوفه إلا أن المدير انبهر بالعمل الجميل واثنى على موهبة يونس معبراً:
“اريد منك الرسم على جدران المدرسة برسومات تشجع الطلاب وتلهمهم لمواصلة التعليم والتفوق في الدراسة من خلال مواهبك الابداعية في الرسم.”
الاستاذ وائل بصوت مليء بالحماس:
“ألم أقل لك يا حضرة المدير أن هذا الصبي عبقري!”
وضع المدير يده على كتف يونس مشجعاً:
“احسنت يا بني. لكني أريدك أن لا تهمل واجباتك الدراسية. وسأتحدث مع الأساتذة لمساعدتك.”
رد يونس على المدير والابتسامة تعلو وجهه:
“حاضر يا حضرة المدير.”
فرحت لارا فرحاً كبيراً وشكرت المدير:
“اشكرك يا حضرة المدير. كما أني أعدك أن يحسن اأخي مستواه الدراسي أكثر.”
اجابها وهو يشعر بالخجل من تقصيره في حق هذا الصبي الموهوب:
“لا داعي للشكر يا ابنتي، هذا واجبي, ومنذ اليوم أنا والاستاذ وائل سنوفر له كل المواد التي يحتاجها في الرسم، ليرسم على جدران المدرسة ويكون ملهماً لزملائه الطلاب.”
قصة رحلة يونس الموهوب
بدأ المدير يدعوه للمشاركة في ورش فنية إضافية خارج أوقات الدراسة, كما قام بعرض رسوماته فيما بعد على جدران المدرسة وتكريمه أكثر من مرة في إذاعة المدرسه بعد فوزه في مسابقات فنية مع مدارس أخرى.
كانت رسومات يونس ملهمةً للطلاب الآخرين وتشجعهم على التعبير من خلال الخطوط والألوان والرسومات المعبرة.
فوجئ الطلاب الآخرون بروعة رسمات يونس، وبدأوا يقدرونه ويُظهرون له الاحترام.
تغيرت حياة يونس تماماً، بدأ يشعر بالثقة بنفسه وبقدراته، وترك التنمر خلف ظهره, وبدأ يتعامل مع التحديات الدراسية بشكل أكثر جدية, ودرس بجد أكبر وبذل مزيداً من الجهد في الدراسة, وساعدته اخته لارا في استحداث طرق تدريسية جديدة لفهم المواد الصعبة بشكل أفضل.
كانت نظرات الاعجاب التي ترسلها عيون الذاهب والغادي في ممرات المدرسة, منهم معلم الرياضيات واللغة العربية تداوي ذلك الرفض الذي أعيا فؤاد يونس وجعله يرفض من رفض جمال روحه وابداعه ليتعافى بذلك مستواه في تلك المواد تدريجياً!
وعلى الرغم من المصاعب التي واجهها يونس في الدراسة، إلا أنه بالتدريج استطاع التغلب عليها وتحقيق النجاح في الدروس التي كان يظنها صعبة.
وبفضل الدعم الذي تلقاه من المعلمين والأسرة، ومثابرته وعزمه القوي، نجح يونس في تحسين أدائه التعليمي وتحقيق تقدماً ملحوظاً في الدروس التي كانت تشكل تحدياً بالنسبة له.
بفضل هذه الجهود والإصرار، نجح يونس وحقق نتائج إيجابية وعلامات جيدة وتغلب على الصعوبات التي كان يواجهها.
وأصبحت تلك النجاحات مصدر إلهام له لمواصلة العمل الجاد وتحقيق النجاح في مختلف جوانب حياته الدراسية والفنية.
وبعد فترة، شارك يونس وبإشراف من الأستاذ وائل في مسابقة فنية محلية، وفاز بالمركز الأول. كانت هذه بداية رحلته نحو النجاح والاعتراف بموهبته, أصبحت رسوماته معروضة في المعارض الطلابية، وأصبح مشهوراً في المدرسة والمنطقة التي يسكن بها بفضل موهبته الفريدة.
وفي العطلة الصيفية، قرر يونس المشاركة في مسابقة فنية دولية بمساعدة وتشجيع من الاستاذ وائل, كانت هذه المسابقة تجمع بين الفنانين الشبان من جميع أنحاء العالم لعرض مواهبهم وإبداعاتهم.
قصة رحلة يونس الموهوب والنجاح الكبير
قدم يونس لوحته الفنية الفريدة التي تعبّر عن رؤيته الخاصة للعالم, كانت لوحته تحمل اسم “حلم الطفولة”، وكانت تصوّر مشهداً عائلياً جميلاً من طفولته المليئة بالألوان الزاهية والسعادة.
وبفضل تفرّده وإبداعه، تم اختيار لوحة يونس كواحدة من الأعمال الفنية المتميزة في المسابقة.
وفي النهاية، تم منح يونس الجائزة الأولى في فئته، مما جلب له ولعائلته ومدرسته الفخر والاعتراف العالمي بموهبته الفنية.
وبهذا الفوز، أصبح يونس مصدر إلهام للكثيرين، بل وصار مصدر فخر للمدير والمعلمين والطلاب في تلك المدرسة.
أظهر يونس للعالم أن الإرادة والموهبة يمكن أن تتغلب على أي عائق. تمكن يونس من تحقيق أحلامه والمضي قدماً في مساره الفني بكل ثقة وإيمان بنفسه.
كان الدعم العائلي يجعله يشعر بالقوة والثقة لمواجهة التحديات, وهذه الحياة العائلية الدافئة عززت من ارادة يونس، وساعدته على تحقيق أحلامه وتطوير مواهبه.
وهكذا، اكتشف يونس أن لديه موهبة خاصة وأنه يمكنه تحقيق أحلامه على الرغم من كل التحديات التي واجهها.
أصبح قصة نجاحه ومصدر إلهام للجميع، حيث يُظهر للعالم أن الإرادة والإصرار يمكنهما تحقيق المعجزات، وأن كل شخص يمتلك قدراته الخاصة التي تجعله فريداً ومميزاً بطريقته الخاصة.
الهدف من قصة رحلة يونس / هذه القصة تسلط الضوء على أهمية اكتشاف المواهب الفريدة لدى الأطفال وتشجيعهم على تطويرها، كما تسلط الضوء على أهمية مكافحة التنمر وتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم.
قصة فتاة الأدغال قصص خيال – قصص للمراهقين – منصة حلا -2024
انقر هنا لقراءة قصة رواد الفضاء الثلاثة
منصة حلا – قصة رحلة يونس – قصص قصيرة – قصص للمراهقين –