قصة صديقي الوفي – قصص اطفال – منصة حلا 2024
قصة صديقي الوفي
انتقل عمر وهو طفل ذو العشر سنوات حديثاً مع عائلته إلى مدينة جديدة. شعر بالحماس في البداية لكنه سرعان ما أكتشف أن الأمور ليست كما كان يتوقع. وفي أول يوم في المدرسة الجديدة, شعر عمر بالخجل والعزلة.
دخل عمر بوابة المدرسة الجديدة بخطوات مترددة, وهو يشعر بضغط غريب في صدره. كان المبنى الكبير يحيط به من كل جانب, والجدران الرمادية بدت أعلى وأشد صلابة مما كان يتخيل. وكان حوش المدرسة مليئ بالأطفال, وكل منهم منشغل بصديقه أو بمجموعته, بينما وقف عمر وحده, يراقبهم من بعيد.
تقدم بخطوات ثقيلة نحو باب الفصل, وحين دخله, شعر وكأن العيون كلها متوجهة إليه. همهمات خافتة تتناثر بين التلاميذ, يتبادلون النظرات فيما بينهم, بينما تسارعت دقات قلبه. حاول البحث عن مكان يجلس فيه, لكن كل الطاولات كانت مشغولة.
أخيراً, أشار إليه المعلم بالجلوس في المقعد الأخير, وحين فعل ذلك, شعر بموجة من البرودة تملأ جسده. وخلال الحصة, كان عمر يسترق النظر إلى زملائه, يحاول أن يجد منهم من يشاركه نفس الشعور, لكنهم كانوا منشغلين في مناقشة مواضيعهم الخاصة, ضاحكين ومتبادلين النكات.
كان المعلم يشرح الدرس بتفاني, لكن عمر كان غائب في التفكير يرسم على طاولته شيء يشبه الصندوق المغلق. وفجأة سمع أصوات الضحك تعالت في الصف, ولما رفع رأسه ليعلم ما الذي يحدث وجد الأستاذ قريباً منه يحدق بطريقة مضحكة في رسمته تلك.
كان الجميع يضحك في الصف فقال الأستاذ غاضباً:
“تستطيع أن تخترع صندوقاً حقيقياً في غرفة الأنشطة بدلاً من حفره على طاولتك يا عمار”
فتلعثم عمر حزيناً وأجاب:
“أنا آسف يا أستاذ, لكن ..اسمي عمر”
فأجاب الأستاذ ممتعضاً:
“لا فرق بين عمار وعمر إذا كانت النتيجة غير مرضية…حاول أن تتصرف بأسلوب لائق”
ضحك الطلاب أكثر, فأمرهم المعلم بصوت جهور:
“على الجميع أن يتوقف عن الضحك, ولنعد إلى درسنا”
وأكمل المعلم شرح درسه بينما كان عمر حزيناً ومحرجاً. شعر بالعزلة تتسرب إلى قلبه مثل ظلام لا ينتهي. وحاول التركيز على درسه, لكن عقله كان مشغولاً بفكرة واحدة:
“هل سأبقى وحيداً إلى الأبد؟”
وعندما دق جرس الاستراحة, خرج الجميع من الفصول مسرعين, بينما تباطأ عمر في جمع كتبه. لم يكن يريد الخروج إلى الساحة, حيث سيكون وحيداً مرة أخرى. وقف في زاوية الفناء, يراقب الأطفال يلعبون كرة القدم ويركضون هنا وهناك, وتمنى لو أن أحدهم يتقدم نحوه ويطلب منه الانضمام, لكن ذلك لم يحدث.
قصة صديقي الوفي واللقاء الأول
وفي نهاية اليوم, عاد عمر إلى المنزل منهكاً, ليس جسدياً, بل نفسياً. كان الحزن يثقل قلبه, لكنه قرر ألا يشارك أحداً بما يشعر. عانق والدته بسرعة وذهب إلى غرفته, متسائلاً بصمت:
“هل سيتحسن الحال؟ أم أن هذا الشعور بالوحدة سيبقى إلى الأبد؟”
وفي اليوم التالي, ذهب عمر إلى المدرسة وهو يشعر بثقل في قلبه كما كان الحال في اليوم السابق. جلس في فناء المدرسة مرة أخرى, متجنباً الألعاب والأنشطة. لكن هذه المرة, لفت انتباهه طالب آخر يجلس وحده على مقعد في ظل شجرة كبيرة. كان الطالب إياد, يبدو هادئاً, يحمل كتاباً بين يديه ويقلب صفحاته بلا اهتمام.
لاحظ عمر تشابه الموقف بينه وبين إياد؛ كلاهما كان وحيداً, وكلاهما بدا عليه الحزن. دفعه الفضول إلى الاقتراب, وتردد في البداية, لكنه جمع شجاعته وأخذ نفساً عميقاً قبل أن يتقدم نحو إياد.
وقف أمامه وقال بخجل:
“مرحباً, أنا عمر. هل يمكنني الجلوس هنا.”
رفع إياد رأسه ونظر إلى عمر بعينين متعبتين لكنه رحب به بابتسامة خفيفة.
“مرحباً, بالطبع, اسمي إياد.‘‘
– جلس عمر بجانبه:
“أنت جديد هنا, صحيح؟”
– تنهد إياد:
“نعم, انتقلت للتو. الأمور ليست سهلة, أليس كذلك؟”
– ابتسم عمر:
“ليست سهلة أبداً. أشعر كأنني غريب هنا.”
ابتسم إياد وأجاب:
” يراودني نفس الشعور… لكن ربما تتحسن الأمور.”
جلس عمر بجانب إياد, وبدأ الحديث بينهما يتدفق بسلاسة غير متوقعة. تبادلا الحديث عن الصعوبات التي يواجهانها, وكيف يشعران بالغربة. اكتشفا أنهما يشتركان في الكثير من الأمور, مثل حبهما للكتب وألعاب الفيديو, وبدأ شعور الثقة ينمو بينهما.
قصة صديقي الوفي ومشروع الروبوت
ومع مرور الأيام, أصبح عمر وإياد يتجولان معاً في المدرسة, يتحدثان ويضحكان, وبدأ الآخرون في ملاحظتهما. قررا أنه بدلاً من الانعزال, يمكنهما محاولة جذب انتباه زملائهم في الصف عن طريق المشاركة في الأنشطة المدرسية. وبدأت أولى خطواتهما عندما قررا المشاركة في مشروع جماعي في حصة العلوم.
اقترح إياد فكرة مبتكرة لمشروع يتعلق بالروبوتات, بينما قدم عمر تصميمات ورسومات إبداعية. وجلسا في المكتبة, يخططان لمشروع الروبوتات:
فقال إياد بحماس:
“ماذا لو جعلنا الروبوت يتحرك باستخدام حساسات الضوء؟ سيكون مبتكراً!”
فكر عمر قليلاً ثم علق متفاعلاً:
“فكرة رائعة! وأنا سأصمم الهيكل الخارجي, سأجعله يبدو مثل إنسان آلي حقيقي!”
ابتسم إياد بفخر:
“فريق الأحلام, ها؟”
ضرب عمر يد صديقه بلطف:
“بالتأكيد, سنبهر الجميع.”
اجتهدا معاً, وقدما مشروعاً لافتاً أثار إعجاب المعلمة والزملاء على حد سواء. وبفضل هذا المشروع, بدأ الأطفال الآخرين يرون أن عمر وإياد ليسا فقط صديقين رائعين لبعضهما البعض, بل أيضاً موهوبين ولديهما الكثير ليقدماه. وبدأوا في التقرب منهما, وطلبا مشاركتهما في الألعاب والنقاشات.
وبمرور الوقت, تحولت صداقتهما الصغيرة إلى مجموعة أكبر تضم عدداً من الأصدقاء. ولم يعد عمر وإياد يشعران بالوحدة, بل أصبحا جزءاً لا يتجزأ من حياة المدرسة الجديدة. ومرت عدة أسابيع منذ أن أصبح عمر وإياد أصدقاء. بفضل دعمهما المتبادل والمشاركة في الأنشطة المدرسية.
كانت الأمور تتحسن بشكل كبير. أصبحا لا يفترقان تقريباً, ووجدا في بعضهما البعض سنداً حقيقياً في هذه البيئة الجديدة.
قصة صديقي الوفي والحفل المدرسي
وفي نهاية الفصل الدراسي, قررت المدرسة تنظيم حفل نهاية العام, حيث تم تكريم الطلاب المميزين في مختلف المجالات. وفي الحفلة, قُدم لعمر وإياد جائزة خاصة تقديراً لإبداعهما وجهودهما.
شعرا بفخر كبير, ولم يكن هذا النجاح مجرد جائزة, بل كان رمزاً للرحلة التي خاضاها معاً, وصداقة حقيقية تطورت من مجرد شعور بالوحدة إلى رابطة قوية.
وخلال الحفل, تجمع معظم زملاء الصف حول عمر وإياد, وعبروا عن سعادتهم بأنهما أصبحا جزءاً من المجموعة. وشعر عمر بارتياح كبير عندما أدرك أن الجميع يقدرهما ويحترمهما. وكانت هذه اللحظة بمثابة تتويج لرحلتهما وتأكيد على أن العمل الجاد والتعاون يمكن أن يثمران نتائج إيجابية.
فقال عمر مبتهجاً:
“لم أصدق أنهم اختارونا للفوز!”
ضحك إياد:
“أعتقد أننا فاجأناهم حقاً.”
توقف عمر للحظة ونظر إلى إياد:
“أعتقد أن الأمور تحسنت بفضل هذه الصداقة. لم أكن لأفعل كل هذا بدونك.”
ابتسم إياد بتواضع:
“وأنا أيضاً, عمر. كنا نحتاج إلى بعضنا.”
وعندما انتهى الحفل, وعاد عمر إلى المنزل, شعر بسعادة لا توصف. عانق والدته وقال لها:
“اليوم كان أفضل يوم في حياتي هنا. لقد عرفت أني وجدت أصدقاء حقيقيين, وأن الأمور يمكن أن تتحسن إذا عملت بجد وكنت صادقاً.”
وفي المساء, جلس عمر وإياد في الفناء الخلفي لمنزل عمر, يتحدثان عن ذكرياتهما في المدرسة وما ينتظرهم في المستقبل. ابتسم عمر وهو ينظر إلى صديقه قائلاً:
“شكراً لأنك كنت هنا معي. لم أكن لأتحمل كل هذا وحدي.”
رد إياد بابتسامة:
“وأنا أيضاً, اشكرك. لم أكن أتخيل أن أجد صديقاً مثلك في هذه المدرسة.”
ومع انتهاء اليوم, شعرا بأن المستقبل سيكون مليئاً بالفرص والأصدقاء الجدد. وتأكد عمر من أن الانتقال إلى مكان جديد ليس نهاية الطريق, بل بداية جميلة لفرص جديدة وصداقات دائمة.
((تظهر هذه القصة أن الصداقة يمكن أن تأتي من الأماكن غير المتوقعة, وأن الجميع يواجه تحديات مشابهة في أوقات معينة من حياتهم. يشعر عمر الآن بالسعادة والراحة في مدينته الجديدة, وقد تعلم درساً قيماً عن الصداقة.))
شاهد معي صديقي الصغير قصة القوس والسهم
تستطيع أيضاً أن تقرأ:
انقر هنا لقراءة قصة إياد ارسطو
قصص اطفال – قصص قصيرة – قصص للأطفال مكتوبة