قصة الانتقام قصة علي وصديقه باسم
كان علي ولد نشيطاََ ونبيلاََ و وفياََ لأصدقائه لكن صديقه باسم كان على النقيض تماماً.
وثق علي بصديقه ثقة عمياء وأحبه وكثيراً ما ساعده وقدم إليه الدعم، لكن الخير لم يكن في مكانه قط.
ظل علي يقدم التنازلات ليمنح تلك الصداقة رونقا مثالياََ بينما يزداد صديقه باسم طمعاً واستغلالاً لطيبته!
حتى جاء يوم رن فيه الهاتف الخلوي صباحاً ..
نقر علي للرد على الهاتف: “الو”
وإذا بصوت باسم صديقه: “نعم علي أنا باسم”
-صباح الخير.. ما الخطب يا باسم!
– علي اريد منك خدمة لن انساها لك طوال حياتي
– قلي يا هذا ما الامر!
– قلت لي بالأمس أن اباك مسافر من أجل عمل ما صحيح!
– نعم
– علي ارجوك اعرني سيارة ابيك لأسعف بها امي إلى المستشفى حتى يعود اباك من السفر اعيدها لك.
تفاجئ علي من طلب باسم واحتار في الإجابة فالسيارة ليست ملكه ليعيرها لصديقه ثم أن صديقه صغير بالسن ولم يعتد السواقة قبل ذلك وظل صامتاً لبرهة من الوقت.
لماذا سكت يا علي..؟ اعلم انك سترفض وانا وضعي المادي صعب والا لما تنازلت للأمثالك!
قاطعه علي مبرراً بسرعة:
” الموضوع ليس بيدي يا باسم لكن سأحاول أن اتصرف لا تقلق “
اسرع علي إلى امه ليقنعها بما يجده هو مستحيلاً فرفضت رفضاً قاطعاََ وحذرته من صديقه باسم ومن مكره و خداعه.
_ يا ولدي الناس ليسوا معدن واحد بل هم معادن متنوعة
_ امي.. انا رجل عاقل واعرف الناس ولست غبي لأخدع
_ انت لست غبي اعلم يا ولدي لكنك طيب تقيس الناس بمرآتك الصافية.
_ لا يا أمي صديقي في ازمة.. اعدك ان يعيدها سليمة
رفضت اللأم و وبخت ولدها علي على سذاجته وحسن ظنه المبالغ فيه بالأخرين.
وذهب علي إلى غرفته غضبان لم يتقبل نصح أمه فهو يرى من طيبة باسم مالا تراه أمه.
وفي لحظة سيطر الشيطان على اذنه واوعز فيها بفكرة سوداء فكر علي بسرقة السيارة ..كان علي يراهن على تلك الصداقة الزائفة ويخاف أن يبدو ولداً صغيراً أمام صديقه الذي وثق به واحبه.
تسلل علي بهدوء إلى غرفة أمه وسرق مفتاح السيارة ثم نزل العمارة وانتظر أمام السيارة ثم هاتف صديقه باسم.
علي: “الو.. انا اسفل العمارة تعال وخذها”
باسم ساخطاََ من علي: “لا أنت لست مضطراً لفعل شيء يسبب لك المشاكل من أجلي”
علي محاولاََ مراضاة صديقه: “لا.. ليس هنالك أي مشاكل, تعال وخذها واقضي بها مشاوير المشفى واعدها عند عودة أبي”
عاد علي وتناول افطاره وهو يشعر بزهو وسرور على موقفه النبيل مع صاحبه. نظرت إليه أمه واعتقدت أنه تراجع وصدق بنصيحتها وشعرت بسرور يملأ قلبها.
تناولا الإفطار معا ثم عادت إلى عملها في ترتيب البيت وأعماله بينما عاد علي إلى غرفته.
وعند الساعة العاشرة صباحاً دخلت أمه تطلب منه الذهاب سريعاً لشراء بعض الاحتياجات للمطبخ. خرج علي لكنه تأخر كثيراً، تعجبت اللأم سبب تأخره وعندما عاد سألته عن سبب تأخره.
ارتبك علي قليلاً ثم اخبرها أن السيارة معطلة وأنه ذهب سيراً على الأقدام. تفاجأت الأم من ذلك الخبر فأبو علي لم يخبرها بأي عطل أصاب السيارة قبل سفره لكنها تنهدت وقالت بابتسامة:
” انها عين باسم في السيارة “
ثم ذهبت إلى المطبخ وتنفس علي الصعداء فقد وجد حيلةََ يتهرب بها من مشاوير أمه على السيارة.
قصة الانتقام والخبر الصادم
وفي عصر ذات اليوم اتصل أبو علي فردت الأم عليه وإذا به يصرخ وبتحدث في آن واحد، حاولت أن تفهم لكنه كان يصرخ بشدة لم تفهم من حديثه إلا كلمات متقاطعة لم تقوى على تركيبها..
” السيارة… ولدك المجنون.. قسم الشرطة.. الرخصة.. ولدك المجنون”
أنهى أبو علي كلامه معها بغلق السماعة في وجهها، وماهي إلا دقائق معدودة حاولت أن تستفسر فيها من علي ما إذا كان في الصباح قد عمل حادثاً بالسيارة وأخفى الأمر عنها إلا وعاود أبو علي الاتصال من جديد.
هذه المرة كان اتصاله على هاتف علي.. أجاب علي في رعب شديد
_ الو
_ لمن أعطيت السيارة اليوم يا محترم؟
_ أبي… الصراحة…. أبي أنا
_ كنت متأكد أني أنجبت ولداََ غبياً لا يفقه معنى المسؤولية.. السيارة في قسم الشرطة لقد امسكوا بصاحبك يقودها ومعه رفقة السوء متلبسين في تعاطي المخدرات!
_ ماذا المخدرات
_ نعم.. المخدرات يا محترم لقد اعترف صاحبك الطيب أنك من تعطيه المال لشراء المخدرات والسيارة أني عائد الآن لحل مصائبك.
افلت علي الهاتف الخلوي من يده من هول الصدمة، نظر من حوله وشعر و كأن الجدران والسقف والاثاث يصفونه بالساذج.
حاولت أمه أن تستفسر منه, بدأ علي يبكي كالطفل الصغير ويحاول شرح الموضوع لأمه لكن سرعان ما ادوى صوت سيارة الشرطة المنطقة.
طرق الباب بشدة، كانت الأم في حيرة من أمرها وهي ترى علي ولدها يخطو باتجاه الباب باستسلام محزن!
الشرطي: “اين علي ابن عبدالرحمن؟”
علي بخوف: “انا هو”
الشرطي بلهجة حازمة ممسكاََ يده: “انت مطلوب لأجل التحقيق”
بدأت الأم تتمسك بذراع ولدها محاولةََ إقناع الشرطي أن ولدها فوق كل ما يقال عنه, وأنها أحسنت تربيته, وأنه وقع في خداع صديقه دون جدوى!
أزاح الشرطي عنه يدها بلطف واردف قائلاََ:
” إذا سمحت سيدتي, دعينا نباشر عملنا, وكلي لابنك محام إن شئت”
اخذت الشرطة علي دونما أي مقاومة والأم منهارة تصرخ بعلو صوتها لم تفهم ما الذي حدث غير أن الأمر مرتبط بالسيارة ظلت تحاول الاتصال بزوجها عبثاً.
و ماهي إلا دقائق معدودة إلا و حضر زوجها مضطرباً كأنه مجنون, لا يتفق بالسير مع اقدامه يتخبطه الريح من هول القلق.
اخبر زوجته بتفاصيل الموضوع وأنبها تأنيباََ قوياً فأقسمت له أنها لا تعرف وقصت له ما حدث صباحاً. هنا أدرك الأب عبد الرحمن أن ولده علي قد وقع ضحيةََ لصاحبه المتهور وسارع في حل المشكلة.
قام الأب بتوكيل محام ذكي استطاع اختراق جهاز الهاتف الخلوي الخاص بباسم بإذن من النيابة ليحصل على محادثات تكشف أن باسم” صديق السوء” مرتبط بعصابة خطيرة وبقضايا ابتزاز عديدة.
كان علي يعطي لباسم ” صديق السوء” الأموال من باب المساعدة في علاج أمه. وحصل المحامي على العديد من المحادثات القديمة في هاتف الأم وعلي تثبت نقاء علي وبراءته من التورط في شراء المخدرات.
خرج علي من السجن بضمانة مالية لكن أبوه كان غاضباََ منه غضباََ شديداََ فتداركت جدته الأمر وطلبت من ابنها عبد الرحمن أن يسمح لعلي بالعيش فترة قصيرة في منزلها القريب ريثما تهدأ الأمور.
ذهب علي للحياة عند جدته الطيبة سعاد, لكنه لم يتحرر من تلك الصدمة, ظل يتذكر بجاحة صديقه باسم وهو يقول للمحقق:
“لدي صديق متعاون وكريم وكلما احتجت للمخدرات أو التسكع اعطاني المال والسيارة”
في إيحاء غير مباشر أنه هو من وقع في تغرير علي وأن علي هو من يشجعه على الفساد.
سيطرت قصة الانتقام على قلب علي وتفكيره, فالشعور بالظلم شعور قاتل ومثله الشعور بالفضيحة وتشويه السمعة. والأشد منهما هو شعور تلقي الخيانة من أقرب الأصدقاء!
قصة الانتقام ومرارة الظلم تحاصران علي
كانت الساعة التاسعة مساءً، والهدوء يعم المنزل حتى بدأ صوت عقارب الساعة واضحاً وضوح الأذان. وفي إحدى غرف المنزل المظلمة، كان علي يجلس في زاوية سريره يلتحف الظلام ذاته الذي استولى على قلبه وعقله. فُتِح الباب على مهل ليبدو النور الداخل منه كأنه مسطرة ضوئية.
سأل علي بصوت خافت وعينان شبه مغمضة: “من!”
وبصوت دافئ دفئ شمس الظهيرة في فصل الشتاء سألته جدته: “هل ترغب في تناول العشاء معي يا ولدي!”
أدار وجهه باتجاه الحائط تجنباََ للنور المنبعث من الباب كأن الظلام قد سيطر على قلبه فلم تعد عيناه تحتملاه قائلاََ: “لا يا جدتي.. لا أرغب في تناول أي شيء.”
حاولت الجدة تخفيف الحزن عنه قائلةََ: “يا ولدي الحزن إن طال أو قصر فلن يغير في الأمر شيء”
قاطعها علي سريعاََ: “جدتي.. ارجوك لا تكملي واخرجي واغلقي الباب خلفك!”
كان علي يعاني من اكتئاب شديد جعل منه كالمومياء المحنطة على فراشه لأيام, كان كلما حاول النوم هجمت الذكريات على أفكاره كالأسد المفترس لتستعيد ذاكرته المشهد كاملاََ.
الاتصال وطلب العون, اتصال ابيه وبكاء أمه ودوي صفارة سيارة الشرطة وكان أشدها قسوة هي وقاحة صاحبه المقرب في اتهامه بل مواجهته بالتهمة بوجه منزوع الحياء قليل الأدب!
قصة الانتقام وكنوز من الحكمة
شعرت الجدة بتلك الأنات التي يكبتها حفيدها في صدره, أدركت من صمته أن ضجيجاََ من ألم الخيانة ينحر طيبته محاولاََ الكشف عن شخص آخر لا يثق بأحد ولا يؤمن بالصداقة.
شعرت الجدة أن انصرافها غير مجدي وأن الحل هو في نقاش علي نقاشاََ عميقاََ بعمق الوجع الذي ثبتته تلك التجربة كالوتد في حناياه.
اقتربت منه وأمسكت وجهه بحنان حتى وقعت عيناها على تلك الدمعة المخفية تراود جفنه وقالت بنبرة صوت حنونة: ” الانتقام أليس كذلك !”
استدار علي مستسلماََ للأمر فهو يعلم أنه من العبث إخفاء ما يفكر فيه من تلك الجدة الحكيمة التي تقرأ عينيه كما يقرأ هو كتاب المطالعة ثم أكد:
“رد الصاع صاعين وإلا فسوف أكون الخاسر الأكبر”
اجابته الجدة باهتمام بالغ:
” لكن الأطفال يحترقون أحياناََ بالنار التي يعبثون بها يا ولدي”
احزن علي أن يقال عليه طفلاََ على الرغم أنه شعر بالطفولة تغزوه لحظة القبض عليه وأجابها:
” الندم يا جدتي.. يجب أن يشعر به لعله يتوب من تصرفاته تلك وأحوز أنا على أجر تأديبه”
لمعت مقلة العجوز إعجاباََ بمحاولة علي الذكية في إقناعها وأجابته مبتسمةََ: ” الفحم يا ولدي لا يعود أبيضاََ بعد غسله أبداََ.. تلك محاولة عبثية.. اتركه لمعدنه وابق انت لمعدنك”
حدق علي في عيني جدته في محاولة جادة لأثبات حقه في ما يود الاقدام عليه واكمل كلامها قائلاََ: ” لكنه يبيض إذا احترق يا جدة وتذهب ناره ويخمد سعيره”
قصة الانتقام والتشبث بالأشواك
تنهدت الجدة وسكتت قليلاََ كأنها تسترجع أحداثاََ وأحداثاََ إلى ذاكرتها ثم قالت له:
“أسعد الله الذي فارقونا يا ولدي، لا يجب عليك أن ترجو لهم غير السعادة فإن هم ندموا عادوا وإن هم عادوا ابتلانا الله بهم من جديد”
احمر وجه علي ودمعت عيناه وسألها في حسرة المهزوم ولوعة المظلوم: “ما العمل في رأيك يا جدة؟ هل أنسى ما حدث وكأن لم يكن! “
احتضنته لتهدأ من روعه ولتمنع عيناها من رؤية دموعه العزيزة وهمست في أذنه وهي تربت على ظهره: ” لا يا ولدي، لكن لا تحتفظ بمن أذاك في قلبك.. اشف قلبك بتطهيره منه ونسيانه.. ولا تغرسه في فؤادك بالإصرار على رد الصاع صاعين، وإلا فلن يخسر أحد خسارتك “
استطاع علي بنباهة عقله ورجاحته فهم تلك الحكمة البالغة التي تتدفق من لسان جدته الحكيمة. علم علي أن التمسك بالأشواك يجرح يد من يتمسك بها كذلك التمسك بالألم والإصرار على الانتقام.
هدأت أمواج مشاعره المتلاطمة وعاد ساكناً كأنها قد صبت الماء العذب على جمره الملتهب ونظر إليها بنظرة بريئة كأنه يطلب منها المزيد. ابتسمت العجوز ورددت وهي تسحبه إلى العشاء:
” لا تحرص على ندم من أذاك فإن ندمه سيعيده إلى حياتك فتبتلى به من جديد… أو بمثله يا ولدي فالأوجاع لا تجذب من هذه الحياة إلا مثيلها… احتفظ بالدرس ولا تحتفظ بألمه فمن حقك أن تحيا بسلام”
قصة الانتقام من تأليف /
زبيدة شعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انقر هنا لقراءة قصة الطالب مهند مع عصابته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهدف من قصة الانتقام – منصة حلا
- قصة الانتقام تقول لك أن الثقة الزائدة لا تعطى لإنسان قط
- قصة الانتقام تقول لك أن التمسك بالألم والرغبة في الانتقام يسبب الأذى البالغ
- قصة الانتقام تقول لك أن التجارب الصعبة هدية الله يعلمنا من خلالها
- قصة الانتقام تقول لك أن أصدقاء السوء لا يرضيهم إلا أن يكون الجميع مثلهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تابع منصة حلا لقصص الأطفال على فيس بوك
منصة حلا – قصص اطفال – مقالات تربوية