حب المراهقة أسبابه ورأي علم النفس فيه وطرق احتوائه
حب المراهقة, الحب عاطفة سامية ومن أجمل التجارب الفطرية التي يمر بها الإنسان وتحدث دون تخطيط مسبق وتبقى ذكريات الحب المتبادلة وما يصاحبها من مشاعر مرهفة عالقة في الذاكرة إلى الأبد، ولا ننكر حاجة الإنسان إلى الحب ليشعر بالتوازن النفسي ويقبل على الحياة إذ أن الحب قد يكون حافزاً قوياً للنجاح.
لكن الحب قد يطرق مبكراً قلب الصغار وهم في مقتبل العمر وتحديداً في مرحلة المراهقة و قد يسبب لهم بعض التخبط بسبب عدم القدرة على التحكم في المشاعر المفاجئة المتأججة، بل في بعض الأحيان إذا كان من طرف واحد وصاحبته الأحلام الوردية يكون عائقاً عن تحقيق الأهداف، ولأهمية فكرة الحب ولوضعها في مسارها الصحيح كان لزاماً على منصة حلا أن تدق الباب، لنقترب من قلوب المراهقين ونعرف سبب الوقوع في الحب وكيفية التعامل وقتها مع الابن الهائم الذي وقع مبكرا في بحر الحب.
الحب الحقيقي كمفهوم
الحب هو تلك العاطفة النبيلة التي تسيطر على كيان المحب بلا سبب أو ترتيب ولا حتى استئذان وتحول حياة الحب إلى جنة أرضية و تجهل دنيته عامرة بالنور، الحب هو الألفة والمودة بلا قيد أو شرط ورسم المستقبل بصحبة من نحب وعدم تخيل الحياة بلا وجوده، الحب الحقيقي هو تقديم سعادة ورفاهية من تحب على نفسك وعدم القدرة أو حتى مجرد التفكير في إيذاء الطرف الآخر لا بالقول ولا بالفعل، لأن الطرف الآخر ببساطة هو السبب الرئيسي في الشعور بالراحة النفسية والأمان والاستقرار، أحيانا تواجه الحب العقبات لكن يبقى ثابتا لا يتزعزع بل قد يصبح أقوى وأعمق.
الحب عند المراهقين كمفهوم
رأينا تعريف الحب الحقيقي وهو ينطبق كذلك على حب المراهقة إذ أن الحب لا يتغير و هو واحد وثابت في كل القلوب، إذ أن المراهق يشعر بكل هذه المشاعر لكنها ليست كاملة فالحب الأول ماهو إلا اختبار للأحاسيس ويميل إلى الجانب الطفولي أو لربما تسيطر عليه رغبة جسدية تختفي مع النضج و تقدم السن واكتمال نمو الدماغ ومرور الوقت.
بمعنى أدق, وأصدق أعجاب تدفعه عوامل نفسية وجسدية ورغبة في الاحتواء، لكن لا ننكر أن بعض حالات الإعجاب المبكر تطورت و تحولت لحب حقيقي وزواج، لكن السبب يكمن في توافر النواحي المادية والظروف المناسبة، فأغلب قصص الحب المبكر تنتهي وتصطدم بجدار الامكانيات المادية، إذ أن المراهق في هذه المرحلة يكون في فترة الدراسة غالبا ولا تتوافر لديه الإمكانيات اللازمة.
علامات الحب عند المراهقين
هناك مؤشرات وتصرفان تدل على أن المراهق يحب ولديه حبيب و يهيم به منها ما يلي:
●التفقد المستمر لرسائل الهاتف.
●الرد السريع على الرسائل ووجود علامات الفرحة واضحة على ملامح المراهق.
●الإهتمام بالمظهر وخاصة الفتيات.
●شرود الذهن والرغبة في الانعزال.
●البكاء بلا سبب وخاصة الفتيات.
●الشعور بالحماسة عند تواجد من يحب.
●تغيير طريقة الكلام في وجود من يحب لكلام إيجابي أو فكاهي لجذب الانتباه.
● تغير أسلوب المراهق بشكل ملحوظ للأحسن، نظرا لشعوره بالاستقرار والسعادة.
●السهر لوقت متأخر.
●تغير نمط الأكل قليلا.
●الانسحاب من المناسبات والسهرات العائلية ليمضي الوقت في الحديث مع من يحب.
●الارتباك إذا دخل أحدهم وقت المكالمة مع من يحب.
أسباب وقوع المراهقين في حب المراهقة
لابد من أن نعي أن البركان الثائر الذي حدث في جسد المراهق عند بداية مرحلة البلوغ لابد من أن يترك آثاراً كبيرة على توجهاته و رغباته الجديدة، إذ أنه يحاول جاهدا أن يثبت لنفسه أنه بالغ وراشد وذلك لأن مظهره الخارجي يوحي له بذلك ويرغب في تقليد ما يتمتع به الكبار من خصوصيات مثل الحب.
كما أنه يجد نفسه منجذباً للجنس الآخر بلا سبب يدركه، ناهيك أنه في مرحلة استكشافه للتغيرات الجسدية التي طرأت عليه في مناطق معينة، لهذا فهو لا يمييز مطلقاً بين الحب والانجذاب الجسدي وبالتالي يعتقد خطأ أن هذا الانجذاب حب، لكنه في الحقيقة رغبة جسدية فطرية في الاقتراب من الجنس الآخر.
يجب أن لا نغفل عن الدور المحوري الذي باتت تلعبه وسائل الإعلام من تلفاز وسينما وقنوات اليوتيوب وهي تقدم دائماً قصص الحب والغرام (لأنها تجد رواجاً من الناحية التسويقية وتدر عائد ربحي هائل) وتمنحها هالة براقة فيرغب المراهقين في معايشة تلك التجارب الجميلة بصورة فعلية.
ناهيك عن بعض التجارب المحبطة المتعددة التي يتعرض لها المراهقين مثل الإعدادية أو الثانوية العامة أوالضغوط النفسية السلبية التي تحدث نتيجة عدم التوافق والانسجام في بعض الأسر، لهذا يضطر المراهق لا إراديا للهروب من الواقع ومواجهته عن طريق أحد المسكنات المتاحة والتي قد تتمثل في الوقوع في الحب لينسى.
وقد يكون سبب الوقوع في حب المراهقة هو عدم وجود الحب في البيئة المحيطة, بسبب انشغال الوالدين بالسعي لتلبية المتطلبات المادية المتسارعة التي لا تتوقف مطلقاً، أو لربما حدث انفصال بين الوالدين أو وفاة أحدهم, هنا يجد المراهق نفسه بحاجة لمن يهتم به فيتسول الاهتمام ممن حوله.
رأي علم النفس في الحب عند المراهقين
غالباً يرجح علماء النفس أن حب المراهقين لايرتقي أبداً إلى مرتبة الحب الحقيقي، ويعتبرونه مجرد اعجاب ورغبة في التعرف على الجنس الآخر مدفوعة بالانجذاب و الغريزة الفطرية والتغيرات الهرمونية التي تسيطر على تفكير المراهقين.
يرى علماء النفس أن ما يشعر به المراهق من تصور للحب والغرام هو مجرد انعكاس لرغبات دفينة في معايشة أحداث رومانسية مماثلة لما يتم تقديمه من مسلسلات وأفلام. ودلل علماء النفس على نظرياتهم بالجانب العلمي الذي أثبت أن وظائف الدماغ في مرحلة المراهقة تتطور وتنمو وتكون خبرات، لذا فإن التقدم في العمر والنضج كفيل بتغيير وجهات النظر تماماً في المستقبل.
حب المراهقة والدين الإسلامى
يجب أن نعي تماما أن الدين الاسلامي لم يجرم الحب ولم يعده من المحرمات، بل إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سأله الصحابي الجليل عمرو بن العاص من أحب الناس إليك؟ أجاب صلى الله عليه وسلم:” عائشة”.
ولم يخجل أو يتردد ليعلم الأمة أن الحب شئ طبيعي ولازم لضمان استقرار سلامة النفس البشرية و سعادتها وتعامل بحنو مع مسائل الحب والتعلق فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول : “ما رأيت للمتحابين مثل النكاح”.
لهذا فإن الإسلام لا ينهى عما يفرضه القلب من تعلق بالخلق بل يقبل به ويقره، لكن الأولى أن نستغل الحب لمرضاة الخالق و نحاول أن نضع إطار سليم يضمن للطرفين الإحترام والتقدير من المجتمع ولا يتحقق ذلك إلا عن طريق الزواج.
فالحب المقبول هو الذي ينتهي بالزواج الشرعي في علانية ووضوح وبموافقة من الأهل، والإسلام بريئ من الحب الأهوج الذي لا ضابط له ويساعد على انتشار الرذيلة و ينتج عنه أطفال لقطاء يعانون بلا ذنب من لفظ المجتمع و الحاجة لحنان الأسرة واحتوائها.
أنواع الحب عند المراهقين
هناك عدة أشكال لحب المراهقين ولعل أشهرها ما يلي:
●الحب من طرف واحد
وهو الأشهر على الإطلاق إذ قد يقع المراهق في حب شخص لا يبادله نفس المشاعر ويظل يرسم في خياله أحلاما وردية وتتأثر صحته ودراسته جراء الانغماس المفرط في أحلام اليقظة، بل قد يصاب بأزمة نفسية عندما يتضح له أنه يعيش في الوهم وأن الطرف الآخر لا يشعر بوجوده من الأساس.
●حب المشاهير
قد يقع المراهق في حب مشهور في الغناء أوالتمثيل أو حتى مشاهير الرياضة ويصاب بهوس ويجمع صوره ويجعله قدوته ويقلده في طريقة لبسه وكلامه ويتتبع أخباره ويحلم برؤيته والحديث معه ولو لمجرد لحظات أو حتى إلتقاط صورة تذكارية معه.
●حب كبار السن
أحيانا تعجب المراهقة التي تفتقر لوجود الأب في حياتها بصورة سوية إلى تعويض هذا النقص والخلل وتلجأ لاإراديا إلى الوقوع في حب من هم أكبر سنا منها، رغبة في التعويض عن مشاعر الاحتواء المفقودة التي كان من المفترض أن يقوم بها الأب.
كما لوحظ مؤخراً انجذاب من جانب الذكور للإناث الأكبر سناً وذلك بالطبع بسبب انشغال الأم بتحقيق النجاح والارتقاء الوظيفي على حساب أطفالها.
●حب زملاء الدراسة
ولعل هذا هو أقربهم للحب السوي المتوازن لأن المشاعر تكون متبادلة وإذا ما حدث مع مراعاة القيم الدينية والأخلاقية فإنه يسهم في تغيير حياة المراهق للأحسن ويعزز تجاربه ويجعله قادرا على تكوين صورة واقعية عن اختيار شريك حياة مناسب، لكن في بعض الأحيان يشكل عائقا في طريق المستقبل، بل وقد تنتج عنه مشاكل كارثية إذا ما خرج عن نطاق المقبول وخاصة في المجتمعات المتحفظة.
نصائح للأهل لاحتواء الحب عند المراهقين
يجب أن نعي أن المراهق في مرحلة التمرد فلو حاولنا فرض السلطة الأبوية ولعب دور المتحكم المهيمن والنظر بدونية لمشاعره و السخرية منها فإن ذلك لن يفيد.
لابد من محاولة التقرب للمراهق وتفهم مشاعره بل وقبولها شريطة أن نلفت نظره لضرورة الإلتزام والتقيد بتعاليم الدين وتقاليد المجتمع لكي يتجنب الوقوع في المشاكل التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة.
يجب أن نلفت نظره بطريقة غير مباشرة أنه لربما يكون حب غير أبدي لكي يتقبل تبعات الانفصال ولا يصاب بالاكتئاب أو حتى يتسبب في أذية الطرف الآخر بنشر صور ومحادثات بينهما. وأبرز النصائح للتعامل مع حب المراهقين هي:
●تقبل فكرة حب المراهقة ومساندته وعدم توجيه اللوم.
●الانصات للمراهق و احتواءه, وعدم إبداء الرأي بصورة مباشرة ومراعاة أزمة الهوية التي تتحكم في تصرفاته.
●احترام مشاعره والتسامح عند الاخطاء البسيطة
●القدوة الصالحة, حاول أن تجذب المراهق إلى صفك وتجعله يتخذك مثلا أعلى وقتها سيستمع لك ويمتثل لأمرك.
● شغل المراهق بالرياضة, أشغل وقت فراغ المراهق بممارسة رياضة ما أو هواية يحبها.
●الوازع الديني, قوي لدي الابن / البنت الوازع الديني حتى يكون دافعا له لعدم دخول تجارب عاطفيه لا جدوى منها.
هل الإعلام له دور في انتشار الحب عند المراهقين؟
لعلنا نلاحظ ما يشهده الجيل الحالي من تغير في السلوك، فقديما كان الحب والإعجاب متوار بين القلوب ويعبر عنه الشباب عن طريق سماع الأغاني العاطفية أو كتابة الأشعار ويصاحبه خوف من معرفة الأهل، لكن في الوقت الحالي أصبح وجود الحب بين اليافعين أمر شائع في المدارس ومراكز الدروس الخصوصية دون أي شعور بالذنب وكأنه شئ مسلم به.
ولاشك أن الإعلام ساهم بشكل ملحوظ في انتشار تلك الظاهرة بما يقدمه من قصص تصور الحب دليل على النضج وتغلفه بقالب وهمي من السكر مما يجعل اليافعين يتلهفون لخوض التجربة ومعايشة أحداثها.
ليس هذا فحسب بل إن الإعلام ساهم في رسم إطار مادي بحت للحياة قائم على امتلاك وسائل الرفاهية وربط بين السعادة وامتلاك تلك الماديات مما عزز الرغبة الحثيثة في السعي بلا كلل من أجل توفير وسائل الرفاهية.
ضاربين بالأمور النفسية من احتواء وشعور بالدفء و تواصل وتفاهم بين أفراد الأسرة بعرض الحائط, بل باتت الصوت المرتفع و العصبية تسيطر على أحاديث الأسرة، لأن القيم الأساسية قد ذهبت بفعل أفلام البلطجة و العنف إلى غير رجعة. ناهيك عن أن الإعلام لا يسهم في إبراز الرموز الفعالة في مجال الدعوة والتي من الممكن أن تعلم الشباب كيفية ترويض المشاعر الثائرة الملازمة للبلوغ والمراهقة.
أخيراً, لابد من أن نعي المستجدات التي صاحبت التقدم التكنولوجي الحديث فإن العالم فتح مصراعيه على محتوى مرئي ومسموع يشجع على الدخول في قصص الحب التي تعتبر بعض الشئ سابقة لأوانها، لهذا لابد من احتواء المراهقين وعدم السخرية من مشاعرهم و استيعاب ما يمرون به من ضغوط نتيجة للتغيرات الجسدية، و محاولة فتح مداركهم بصورة إيجابية و حثهم على الإلتزام بتعاليم الدين التي تساعد على رسم حياة سوية خالية من أي سلوك غير مقبول وتشجع على وجود حب عفيف طاهر يكلل بالزواج.
دمتم بكل ود….
منصة حلا تنصح بقراءة المواضيع التالية:
انقر هنا لتقرأ مقال عن عناد المراهقين
انقر هنا لتقرأ مقال عن علامات بلوغ الفتاة
سن المراهقة – الحب عند المراهقات