قصة القرار الصعب – قصص هادفة للمراهقين – منصة حلا 2024
قصة القرار الصعب
كان مالك فتىً في الخامسة عشرة من عمره، عاشقاً للموسيقى، ويحلم أن يصبح عازف بيانو مشهوراً. قضى سنوات من حياته يتدرب على بيانو قديم أهدته له جدته، وحلمها أن ترى حفيدها يعتلي خشبة المسرح يوماً، لطالما كان يقضي ساعات طويلة في التدريب على البيانو في غرفته الصغيرة، حيث كانت الألحان تفتح له أبواب عالم من الخيال.
حلمه الكبير كان الانضمام إلى أكاديمية موسيقية مرموقة خارج مدينته، وبعد سنوات من العمل الشاق، تلقّى أخيراً خطاب القبول بعد اختبار صعب. لكن الحلم اصطدم بواقعٍ صعب.. جدته، التي كانت بمثابة أم ثانية له، و تعتني به منذ أن فقد والديه في حادث، أصيبت مؤخراً بمرض خطير جعلها طريحة الفراش، وأصبحت بحاجة إلى رعاية يومية.
كانت حالتهما المادية بالكاد تسمح بشراء الدواء، فكيف له أن يوفر ممرضة تعتني بها إذا سافر!
وهي التي زرعت فيه حب الموسيقى، إذ اعتادت أن تغني له عندما كان صغيراً وتشجعه على متابعة حلمه. وكانت تقول له دائماً:
“الموسيقى هي لغة الروح يا مالك، اجعلها تعبر عما في داخلك.”
عندما جاء خطاب القبول من الأكاديمية، كان مالك في غمرة الفرح، ولكن نظرة واحدة إلى جدته المريضة جعلته يتوقف ويفكر. من سيهتم بها إذا غادر؟
كان كلما شعر بالحزن أو الوحدة، جلس أمام البيانو، يلمس مفاتيحه برفق وكأنه يتحدث معه. كانت نغماته تشبه حواراً صامتاً بينه وبين العالم الذي بدا قاسياً أحياناً. كان مالك يمضي وقتاً طويلاً بين العناية بجدته والتدرب على البيانو، لكنه بدا دائم القلق والحيرة.
قصة القرار الصعب وحيرة مالك
لاحظت ذلك معلمة الموسيقى، السيدة زينة، التي كانت تعرف عن ظروفه الصعبة وتؤمن بموهبته. وبعد أن أنهى مالك درسه، جلست زينة بجانبه وسألته:
“مالك، يبدو أنك تحمل هموماً أثقل من عمرك. ما الأمر؟”
تنهد مالك وأخبرها بكل شيء. عن مرض جدته، عن حلمه، وعن شعوره بالذنب لأنه يريد السفر وتركها وحيدة. وعندما انتهى، تعاطفت زينة معه خاصة انها مؤمنة بموهبته. فقالت بصوت هادئ:
“مالك، أحياناً نشعر أننا مضطرون للاختيار بين القلب والحلم، ولكن الحلول دائماً موجودة إذا كنا نبحث عنها بإيمان، تأكد انني لن اتخلى عنك، وسأحاول ان اجد طريقة لمساعدة جدتك.”
في اليوم التالي، وبينما كان مالك يعزف مقطوعة هادئة لجدته، لمح دمعة تسيل على خدها. توقّف عن العزف وسألها بحنان:
“لماذا تبكين يا جدتي؟”
نظرت إليه بعينين مليئتين بالشوق وقالت:
“أبكي لأنني قد لا أعيش حتى أراك تحقق حلمك.”
شعر مالك بغصّة في قلبه، وأوقفته كلماتها عن النوم تلك الليلة. بدأ يفكر في خطة تجعله مطمئناً عليها عند رحيله. فقرر طلب المساعدة من المعلمة زينة، فإن لم تتمكن المعلمة زينة من مساعدته، كيف يمكنه أن يتركها وهي في هذه الحالة؟
أصبح يرى ملامح المرض تنخر جسدها يوماً بعد يوم، وأصبحت خطواتها البطيئة وصوتها الواهن كأنها ألحان حزينة تعزف في قلبه. جلس مالك مع جدته في المساء، وبدأ يتحدث عن حيرته. نظر إليها قائلاً:
“جدتي، لطالما كنتِ الداعمة الأولى لي. ولكن… كيف أتركك وأنتِ بحاجة إلى من يهتم بك؟”
ابتسمت الجدة رغم تعبها، وقالت بصوت خافت مرتعش:
“مالك، الموسيقى ليست مجرد ألحان، هي لغة القلب والروح. فإذا كان قلبك يدعوك للعزف، فاذهب، ولا تجعل من خوفك علي عقبة. فهناك طرق كثيرة لرعايتي، وليس من الضروري أن تكون أنت الشخص الوحيد المسؤول”.
أمسك مالك يدها بحب وقال:
“جدتي، لو تركتك وذهبت إلى الأكاديمية، هل ستسامحينني؟”
ابتسمت الجدة، على الرغم من ألمها، وربّتت على يده بحنان وقالت:
“يا بني، لو توقّفت عن مطاردة حلمك، أنا التي لن تسامح نفسها. لا تدع مرضي يقف في طريقك”.
في تلك اللحظة، بكى مالك كثيراً وجرت دموعه على خديه. أراد أن يكون بجانبها في كل لحظة، لكنه أدرك أن الجدة كانت ترغب في أن تراه يطير بعيداً نحو أحلامه، حتى لو كان ذلك يعني أنه لن يكون دائماً بجانبها.
قصة القرار الصعب “زينة تتدخل”
فكرت زينة كثيراً في حديث مالك، وقررت مساعدته. اتصلت بأصدقاء لها في المجتمع المحلي، ونجحت في تنظيم حملة صغيرة لجمع التبرعات. لم تخبر مالك في البداية، لكنها أرادت أن تتأكد من أنه لن يشعر بالخجل أو العجز.
بعدها دعت زينة مالك إلى منزلها وقالت له:
“مالك، أنت موهوب جداً، وأنا أرى فيك مستقبلاً باهراً. لقد تحدثت مع بعض الناس عن ظروفك، ووجدت من يريد مساعدتك. يمكنك الآن أن توفر ممرضة لرعاية جدتك أثناء غيابك.”
تفاجأ مالك وتأثر بشدة, وبارتباك أجاب:
“لكن… لماذا تفعلين كل هذا من أجلي؟”
ابتسمت زينة وقالت:
“لأن الموهبة التي لديك نادرة، ولأن جدتك أعطتك كل ما تستطيع على الرغم من قلة حيلتها. الآن جاء دورنا لنردّ الجميل.”
في البداية، شعر مالك بالذنب لفكرة قبول المساعدة، لكنه عندما أخبر جدته بما حدث، أمسكت بيده وقالت:
“لا تخجل يا بني. هناك أناس في الحياة يظهرون لمساعدتنا وقت الحاجة. اذهب وحقق حلمك، ولا تنسَ من كان بجانبك.”
وفي يوم السفر، وقفت الجدة بصعوبة عند الباب، على الرغم من مرضها، لتعانقه بقوة. همست في أذنه:
“أنا فخورة بك، وأعلم أنك ستجعلني فخورة أكثر”.
غادر مالك والدموع تخنقه. كان يعلم أن قرار السفر سيثقل قلبه، ولكنه وعد نفسه بأن يعود إلى جدته كلما سنحت له الفرصة. كان يكتب لها رسائل مطوّلة ويهاتفها يومياً، لكنه كان يشعر أن صوتها يزداد ضعفاً في كل مرة. غادر مالك إلى الأكاديمية، لكنه كان يحمل معه وعداً في قلبه. وعد بأنه لن يدع حلمه يبعده عن عائلته.
قصة القرار الصعب وبداية النجاح
وفي يوم حفلة التخرج الكبيرة في الأكاديمية، وقف مالك أمام الجمهور وقال:
“أهدي هذه المقطوعة إلى امرأتين عظيمتين في حياتي, جدتي، التي علّمتني أن الحلم يبدأ من الحب، ومعلمتي زينة، التي أثبتت لي أن الخير يمكن أن يغير العالم.”
وقف مالك على المسرح في الأكاديمية، حيث أُعلن عن فوزه بجائزة كبرى لعزفه المتميز. لم يكن هذا إنجازاً عادياً؛ فقد حصل على منحة لتقديم حفلات موسيقية عالمية.
كانت الموسيقى التي خرجت من أصابع مالك مزيجاً ساحراً من المشاعر؛ أشبه برحلة تأخذ المستمع من الحزن العميق إلى الأمل المشرق. بدأ عزفه بهدوء ناعم كهمس الرياح بين أوراق الأشجار، وكأن البيانو يروي حكاية قديمة من قلبه.
مع مرور الوقت، بدأ الإيقاع يتصاعد تدريجياً، كأن الموسيقى بدأت تحكي عن التحدي والصمود. كان المستمعون يشعرون بنبض مالك بين النغمات؛ إرادته التي كانت تكسر الصمت وتقاوم الحزن. كان هناك مزيج بين القوة واللطف في عزفه، وكأن كل نغمة تقول:
“لن أستسلم.”
فجأة، أصبحت النغمات أكثر قوة ووضوحاً، كأنها موجة بحرية عملاقة تهزّ مشاعر كل من يسمعها، استطاع مالك أن يعزف بنبرة نصر، تحمل الفرحة والأمل؛ النغمة التي حولت الألم إلى نجاح، وأن الشغف قادر على تحدي المستحيل.
عاد مالك في النهاية إلى نغمات هادئة دافئة، وكأن الموسيقى تحتضن المستمعين وتهمس في قلوبهم:
“هذه الرحلة انتهت، لكن الأمل سيبقى.”
أنهى عزفه بلمسة خفيفة على آخر مفتاح، ليترك الجميع في حالة من الصمت المهيب. وبين التصفيق والهتافات، وقف الجميع يحي مالك على تلك السعادة التي منحهم إياها, وتذكر مالك كل خطوة صعبة مر بها، كل دمعة ذرفها وهو بعيد عن جدته، وكل كلمة شجعت بها معلمته زينة حلمه ليصل إلى هذا المكان.
وبعد الحفل، قرر مالك العودة إلى مدينته الصغيرة، حاملًا معه شهادته وجوائزه. كان يشعر بالحنين والحماس ليرى وجه جدته ومعلمته وكل من دعموه. وعندما وصل إلى الحي، كان هناك حشد صغير ينتظره أمام منزله.
كان الجيران قد سمعوا عن إنجازاته، وانتشر الخبر في المدينة كما تنتشر النغمة الجميلة. وقفت جدته على عكازها عند الباب، ودموع الفرح تنهمر من عينيها. اقترب منها مالك، واحتضنها بلطف قائلاً:
“جدتي، كل هذا بفضلك. كنتِ أنت النغمة الأولى في حياتي.”
عانقته الجدة وهي تقول بصوت مختنق:
“كنت أعلم أنك ستصل. لم يكن لدي شك يوماً.”
كانت زينة، معلمته، واقفة بين الحضور، تتابع المشهد بعينين لامعتين من الفخر. اقترب منها مالك شاكراً فضلها:
“شكراً لأنك رأيتِ فيَّ ما لم أره أنا في نفسي. لولاكِ لما كنت هنا.”
أجابته بابتسامة:
“لو لم تكن موهوبا لما استطعنا أن نفعل شيء لأجلك.”
أما زملاؤه وأصدقاؤه السابقون، فقد تجمعوا حوله مهنئين. كان البعض منهم قد تابعوا مسيرته عن بعد، لكن رؤيته يعود كعازف عالمي كانت مصدر إلهام لهم جميعاً.
وعبر أحدهم عن ما يشعر به:
“مالك، قصتك أثبتت لنا أن الظروف لا يمكن أن تقف في وجه الموهبة والعمل الجاد.”
أقام مالك حفلاً صغيراً في قاعة البلدة. عزف مقطوعات من تأليفه، وأهداها لكل شخص كان جزءاً من رحلته. وعندما انتهى، وقف وقال أمام الحضور:
“هذه النجاحات ليست ملكي وحدي، بل هي لكل من آمن بي، حتى عندما كنت أشك بنفسي. هذه المقطوعة إهداء لجدتي، التي جعلت الموسيقى جزءاً من روحي، ولمعلمتي زينة، التي فتحت لي أبواب الأمل.”
عندما أنهى كلماته، وقف الجميع وصفقوا له بحرارة، وامتلأت القاعة بالدموع والابتسامات.
قصة القرار الصعب تقول لك: (أحياناً يكون علينا أن نوازن بين أحلامنا ومسؤولياتنا. القرار الصعب قد يصبح نقطة تحول تعلمنا أن الحب والتفاني يمكن أن يجمعا بين الاثنين.)
يوجد الكثير والكثير من قصص للمراهقين على متجر حلا بصيغة PDF للذهاب إلى المتجر انقر أدناه:
تابعنا على قناتنا على تطبيق تليجرام بالنقر أدناه:
ابحث هنا عن طريق الكلمات المفتاحية التالية: قصص اطفال 15 سنة, قصص اطفال مكتوبة هادفة, و قصص اطفال 12 سنة مكتوبة.