قصة أنا الابن الأوسط – قصص أطفال مكتوبة لعمر 10-15 سنة
قصة أنا الابن الأوسط
مرحباً، أنا عماد. إذا كنت الابن الأوسط فقصتي تعنيك بالتأكيد. القصة بدأت قبل ست سنوات، تحديدا عندما أنجبت والدتي أختي الصغرى سلا.
كنت أنا طفلها الثاني والأخير، وكانت أمي تخاف علي وتدللني كثيرا وأبي أيضاً كان يعاملني برفق طوال الوقت. وعلى الرغم أنهم كانوا يعاملون أخي الأكبر نديم بالكثير من التقدير ويعتمدون عليه في كثير من الأمور إلا أن هذا الأمر لم يكن يعنيني على الإطلاق. فذلك التقدير والثقة الممنوح لأخي نديم كان يقابله الدلال والرفق والراحة لي.
وذلك كان يجعلني أشعر بالامتياز والراحة والحب والاحتواء. وعندما صار عمري سبع سنوات قرر والدي أن ينجبا طفلا جديداً. لا زلت أتذكر حديث والدتي مع والدي يومها:
“اتوق لإنجاب فتاة صغيرة تكون صديقتي في هذه الحياة وتملئ المنزل علينا سعادة وجمال”
بدا لي الموضوع في بادئ الأمر شيقاً وجميلاً أن يحتوي المنزل على طفلة صغيرة وجميلة. لكن أبي كان معارضا للفكرة وأجاب حينها:
“وما الذي يدريك أن المولودة ستكون بنتاً، فقد ربما يرزقنا الله بولد ثالث”
حينها قالت أمي بأنها راضية بما سيأتي به الله. وعندما جاء موعد ولادة أمي، كنت خائف جدا عليها. شعرت أن هذا الطفل الذي جاء إلى عائلتنا قد أخذ منها صحتها وأتعبها كثيراً. ولأكون صادقاً مع نفسي ومعكم أصدقائي:
“شعرت أنها شُغلت بموضوع الحمل والطفل القادم عني ولم تعد تدللني كما كانت في السابق”
وعاد أبي من المستشفى سعيدا متهلل الوجه ومعه أمي تحمل طفلة صغيرة. كان الجميع سعداء يلتفون حول أمي وينظرون إلى تلك المخلوقة الصغيرة. الجميع يتأمل فيها وكل يعبر عن مشاعره. منهم من يقول إنها تشبه أمي ومنهم من يرى الشبه يذهب الى ابي.
الجميع يهتم بها وأنا أطوف حولهم لأجد مكان أدخل منه إلى أمي، لكني لم أجد ثغرة واحدة. الجميع يتجاهلني تماماً الجميع يوزعون الابتسامات لأختي الجديدة سلا. التي لم تكن بالنسبة إلى سلا على الإطلاق.
لا أدري، لكني على الرغم من سعادتي بتلك المخلوقة الصغيرة التي قدمت إلى عائلتنا، الا أنني كنت أشعر بالحزن ينخر عظمي من الداخل ويسرق مني سعادتي بالتدريج.
قصة أنا الابن الأوسط والمقارنة
في يوم من الأيام، كانت أمي مشغولة بالطهي بينما كانت أختي سلا في حضن والدي. كانت جميلة وكانت تتأمل فيما أقوم بفعله وتضحك. شعرت بسعادة وحاولت القيام بالمزيد من الأمور المضحكة لكي أضحكها أكثر فبدأت اقفز من مكان إلى مكان وكانت أختي تضحك بشدة. لكن أبي لم يعجبه الأمر وصرخ علي بصوت عال جدا وطردني من الغرفة:
“اخرج والعب في غرفتك ودعني اتابع المباراة بهدوء”
شعرت حينها بشيء يكسر قلبي، اختي سلا تسرق مني كل شيء على الاطلاق. وقفت بالقرب من المطبخ أتأمل أمي وانتظر منها أن تناديني كعادتها وتجلسني على مائدة المطبخ وتتحدث معي لكنها كانت تطبخ على عجل لأنها تريد أن تطعم أختي وتأخذها إلى فراشها لتنام!
المنزل كله يحوم حول سلا، المنزل كله يعمل من أجل سلا!
التفتت أمي فجأة ونادت أخي عماد فركضت باتجاهها مبادراً:
“ماذا تريدين؟ أنا سأذهب لشراء ما تريدينه”
فأجابت بعصبية:
“ليس هذا وقتك، اجلس في غرفتك وراجع دروسك”
وذهبت إلى عماد وطلبت منه أن ينطلق بسرعة ويأتي لها ببعض من الملح من البقالة. ماذا عني؟
سألت هذا السؤال مراراً وتكراراً. ماذا عني أنا!
أنا لم أعد احوز على أي اهتمام من أمي وأبي منذ أتت هذه البنت إلى هذا الدار. لا أدري ما الذي كنت أشعر به لكني حقيقة لم أعد أحبها على الإطلاق. توزع والدي بين أخي الأكبر نديم الذي كان يعتبر ذراعهم الأيمن والمساعد الأول لهما وبين تلك الكريهة الصغيرة التي خطفت كل الحنان والدلال والألعاب والوقت مني.
لم يعد لي أي أهمية وصرت صفرا على الشمال وصرت أشعر أني لا أنتمي إلى هذه العائلة المنشغلة. خطرت في بالي العديد من الطرق للفت الانتباه فتارة أدعي المرض وتارة أهمل دروسي وتارة أقوم بضرب زملائي في المدرسة وتارة أتكاسل عن الذهاب إلى المدرسة.
كنت حينها أشعر بالاهتمام يعود بنسبة بسيطة. لكن أمي بدأت تتذمر كثيراً من تصرفاتي وتشكوني إلى صديقاتها وإلى نساء العائلة! أما أبي فكان يضربني وباتت حياتي بائسة بالفعل!
قصة أنا الابن الأوسط والوقوع في الفخ
لم أكن أدرك حينها أني واقع في فخ الغيرة, وأني من جلب لنفسه كل تلك المعاملة القاسية والمعاناة. كل ما كنت أجيد فهمه أن هذه المخلوقة الصغيرة قد خطفت مني سعادتي وكل الحب الذي كان يحيط بي. كرهتها بقوة وكنت أتمنى ألا أراها مجدداً في المنزل.
وفي يوم من الأيام، مرضت أمي بمرض شديد واضطر أبي أن يأخذها إلى المشفى. بقينا أنا وأخي نديم في المنزل بعد أن طلب منا أبي أن نرعى سلا ونهتم بها. طلب مني يومها نديم أن أرعاها وأهتم بها ريثما يذهب لشراء شيء لنأكله. كانت سلا خائفة جداً وتبكي بحثاً عن أمي.
أما أنا فتملكتني رغبة قوية في ضربها واستغلال الفرصة لإلحاق الأذى بها في ظل عدم وجود أحد. اقتربت منها وهي تبكي فركضت واحتضنتني بقوة وسكتت عن البكاء. كانت سلا تشعر بالأمان بقربي وتنتظر مني أن احتويها بالحب والحنان!
شعرت حينها بمشاعر مختلطة وغريبة:
“علي أن أمنحها الحب والأمان والرعاية، لا أن أقوم بتصرف وحشي تجاهها”
احتضنتها بحب وبدأت بإطعامها. كانت سلا تشعر بالأمان معي وظلت تضحك لي حتى نامت كالملائكة بين ذراعي!
يا إلهي كم كنت غبياً!
هي صغيرة وبريئة وتحتاج إلى الكثير من الرعاية والاهتمام. تحتاج للإطعام والتنظيف والملاعبة والاحتواء طوال الوقت. كانت أمي تقوم بكل ذلك المجهود وبالتأكيد كانت تقوم به معي عندما كنت صغيراً.
دخلت في حالة من الصمت والحيرة والغربة. واستمرت معي تلك الحالة أياماً متتالية حتى لاحظت معلمتي في المدرسة وأدركت أن ثم مشكلة ما تواجهني في المنزل.
وفي الفسحة، طلبت مني أن تتحدث معي قليلاً. لا أدري يومها لماذا انفجرت بالبكاء وتحدثت بكل ما يعتريه قلبي من الحزن. كل ما يحدث معي كان بسبب تلك المخلوقة التي تدعى سلا!
قصة أنا الابن الأوسط ولحظة الإدراك
علمت بعدها كم كنت قاسياً على نفسي حين اخترت أسلوب التفكير الخطأ وظننت أني سأعيش منصفاً لذاتي بتلك الأفكار المدمرة.
أفكاري التي سلكت درباً مدمراً لي ولمن حولي وجعلتني تعيساً وحيرت من حولي كثيراً. نعم اكتشفت أن طريقتي في التفكير وشعوري دائماً بأني ضحية, جعلني أكره من حولي وأشعر بظلمهم وأسبب لهم الكثير من المتاعب بدلاً من التعاون معهم وتحمل المسؤولية!
علمت حينها أن كل تلك التصرفات التي تصدر منهم ما كانت إلا ردة فعل لما أقوم بفعله من سلوكيات مضايقة لهم في المنزل واعتراضي على وجود تلك الملاك البريء في حياتنا. وإن كان اعتراضا غير واضحاً لكنهم فعلاً كانوا يفهمون ذلك.
علمتُ أن دوري كان يجب أن يكون أفضل, وأني كنت استطيع أن أكون ظلعاً رئيسياً في مربع العائلة واعتني بأختي وأساعد أمي. وأن أحوز على نوع جديد من الامتيازات التي ستساهم في نضوجي وتطوير شخصيتي بدلاً من كوني منازعاً مقارناً يحاول إعادة الوضع إلى سابق عهده!
والآن, صار يجب علي أن أقدم الاعتذار لنفسي التي أغرقتها حقاً في وعي الضحية وأقنعتها بهامشية وجودها في العائلة. واتعبتها بالمقارنات السخيفة بيني وبين أخوتي وأن أتعرف على دوري الحقيقي المختلف في الحياة وأن ألعبه بجدارة وقوة ورضا وسعادة لأكون سعيداً.
ولأجعل كل من حولي سعداء بوجودي….
أرجو أن تكون قصة أنا الابن الأوسط قد منحتك فرصة التفكير مرة أخرى ومراجعة حساباتك العائلية والأسرية من جديد, أعزائي الأطفال… الحياة في تغير مستمر وأدوارنا فيها أيضاً في تغير مستمر… وعلينا أن نعي ذلك لننقذ أنفسنا من الوقوع في وعي الضحية المرهق لكم ولأسركم.
انقر هنا لقراءة قصة الشاب جاكايا
انقر هنا لقراءة قصة الجزر الأربع
ابقوا مع منصة حلا لقصص الاطفال ( قصص اطفال هادفة – قصص اطفال مكتوبة – قصص اطفال مصورة)